كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر

موقع أيام نيوز

ومنهم من قال: إن هؤلاء من البشر، وهؤلاء طائفة منهم قالوا: المقصود بالملَكيْن هي لغة بالملِكيْن، الملوك يقال: ملِكيْن وملَكيْن، ملِك وملَك، الملِك من ملوك الدنيا، وقالوا: المقصود بهما سليمان وداود ﷺ، ما المعنى؟

المعنى أن اليهود اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، يعني: على عهد سليمان من السحر، وما كفر سليمان، سليمان بريء من هذا كله، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر، ثم وماذا؟ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [البقرة:102]، إذا قلنا: إنهما داود وسليمان تكون "ما" نافية، الشياطين يعلمون الناس السحر، من هم الشياطين؟ هاروت وماروت، متأخر، يكون المعنى هكذا: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102]، ثم تقف، وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ [البقرة:102]، ما أُنزل السحر، "ما" نافية لم يُنزل السحر على الملَكين، يعني: الملِكين اللذيْن هم داود وسليمان أو ملِكين من ملوك الدنيا، أو حتى على القول بأنهم من الملائكة نفى عنهم هذا لم يُنزل السحر عليهم، وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ ثم قال: هَارُوتَ وَمَارُوتَ [البقرة:102]، يرجع إلى الشياطين، ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا، يعلمون الناس السحر الذي لم يُنزل على الملكين ببابل، هكذا المعنى، وهذا القول بأن "ما" نافية وأنه لم يُنزل على الملكين سواء كان الملائكة، أو المقصود بهم من ملوك الدنيا كما جاء في قراءة شاذة: وما أُنزل على الملِكين هذا الذي رجحه القرطبي، قال: "ولا يصح سواه، ولا يُلتفت إلى قول غيره"[1].

وهذا القول هو الأقرب إلى ما جاء في النصوص من عصمة الملائكة، وإن كان السياق لا يساعد عليه كثيراً، لكن وجهه يصح في العربية؛ لأن التأخير وارد وموجود كما قال الله : يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:55]، فإذا قلنا: إن الوفاة هنا بمعنى الموت فهي من المقدم الذي حقه التأخير، يكون معناه هكذا: يا عيسى إني رافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك، فعلى كل حال هذا قول في الآية، والأصل في الكلام الترتيب ولا يُلجأ إلى القول بأن فيه تقديماً وتأخيراً إلا بدليل يجب الرجوع إليه، فهذا تبسيط وتقريب لأقوال أهل العلم في هذه الآية التي لربما تُشكل كثيراً على من قرأها أو سمعها من كتاب الله ، والعلم عند الله -تبارك وتعالى.

ولكن الروايات الواردة في هذا عن النبي ﷺ كلها لا تصح، وما ورد فيها من الإسرائيليات وهي كثير لا يُبنى عليها حُكم، والقرآن لا يُفسر بالإسرائيليات، إذاً نقتصر على بعض ما جاء من الروايات الصحيحة وبعض الآثار عن الصحابة والتابعين، وبعضه مبني على الإسرائيليات لكننا إذا اقتصرنا عليه فإننا عندئذ نرجح بين أقوالهم؛ لأنهم لم يتفقوا على قول.

هذا، وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين.

تم نسخ الرابط