كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر كما ذكر في سورة البقرة
كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر كما ذكر في سورة البقرة
هاروت وماروت، وَمَا يُعَلِّمَانِ يعني: هذين الملكين هاروت وماروت، مِنْ أَحَدٍ، يعني: شيئًا من السحر، حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، فعلى هذا المعنى الذي ذهب إليه جماعة كثيرة من السلف فمن بعدهم يكون المقصود أن هؤلاء اليهود اتبعوا السحر، اتبعوا ما تتلوه وتبثه الشياطين أيام سليمان ، وسليمان بريء من ذلك، ولكن هؤلاء الذين كفروا هم الشياطين حيث كانوا يعلمون الناس السحر ويعلمونهم الذي أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، هذا المعنى ذهب إليه كثير من المفسرين ومنهم كبير المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله، ومنهم الحافظ ابن كثير، وطائفة كبيرة جدًّا.
لكنهم افترقوا في توجيه ذلك، فكبير المفسرين ومن نحا نحوه وهم كثير، قالوا: إن هؤلاء الملائكة الذين أُنزل عليهم السحر ببابل كان ذلك فتنة للناس كما قال الله : وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، فإذا قيل لهؤلاء العلماء: كيف يقع هذا من ملائكة وهم لا يعصون الله ما أمرهم؟
قالوا: إن الله أنزلهم ابتلاء للخلق ليختبرهم، وبالتالي هم مطيعون لله غير عاصين، هذا الذي قاله ابن جرير.
والفريق الآخر ممن قالوا هم ملائكة كابن كثير -رحمه الله، قالوا: لا، إن هؤلاء من الملائكة وما نزلوا استجابة لأمر الله ليفتتن من يفتتن، وإنما كان ذلك خروجاً عن طاعة الله ونكوصاً على الأعقاب، كما أن إبليس على القول الآخر بأنه من الملائكة، والصحيح أنه من الجن، على القول بأنه من الملائكة فكفر بالله وأبى السجود لآدم، فأذله الله ولعنه وطرده وأهبطه من الجنة، أو أخرجه من مجتمع الملائكة، فهؤلاء يقولون: إن هؤلاء الملائكة فُتنوا