ابناء يعقوب كاملة بقلم ولاء رفعت

موقع أيام نيوز


حديثها ثم قالت بعتاب 
كنت شوفت منك أيام ما حملتي في المحروس ابنك. 
خالج التوتر ملامحها وأجابت 
ياه لسه فاكرة يا حسنات ده من سبع سنين وبعدين ما انتي لسه واخده مني من قبل ما أدخل أربعة تلاف جنيه ربنا يعلم جايباهم ازاي. 
رفعت الأخرى حاجبها الأيسر وتشدقت 

أنا عمري ما بنسى شغلي أبدا يا راوية وكله بتمنه. 
نهضت وكأنها تذكرت شيئا ما 
شوفتي الكلام خدنا وزمان سي يعقوب راح على البيت ولو ما لاقنيش مش هخلص من أسئلته ولو عرف إني كنت عندك ممكن يطلقني فيها عن إذنك. 
أنهت حديثها بالاستئذان وذهبت من أمامها كانت تتوجس خيفة أن تلك الكلمات التي تفوهت بها هذه المرأة تصل إلى زوجها الذي يمقت هؤلاء السحرة والدجالين فعندما تأخرت في الإنجاب أكثر من عام لجأت لهذه العرافة لتصنع لها ما يعرف بالحجاب من أجل أن تنجب فهي تخشى أن يتزوج زوجها من أخرى لجأت إلى حيل الشيطان وخداعه الماكر فأنجبت نبتة فاسدة. 
صدى رنين الجرس المزعج يدوى في أرجاء المنزل تفوق عليه في الإزعاج صوت هذه السيدة ذات القد الممتلئ
أيوه يا اللي بترن الجرس مالك متسربع على إيه 
كان في كلا يديها غطاء الإناء والملعقة الكبيرة تركتهما فوق الطاولة الرخامية وذهبت لكي تفتح الباب ومع كل خطوة يهتز جسدها كالهلام.
هو انت! 
يمسك عرفة في يديه الكثير من الأكياس البلاستيكية يتصبب العرق على جبينه يقول إليها بصوت يغلبه الإرهاق والتعب 
شيلي عني يا وليه. 
تناولت من يديه الأكياس وهي تحدق إليه بامتعاض وتهكم في آن واحد 
هات يا أخويا هات يا سبعي. 
أخبرها دون أن يعقب على سخريتها المتواصلة منه 
انجزي وخلصي الأكل عشان نلحق نوزع الأطباق مش عايز أسمع كلمتين من المعلم. 
سألته متجهة إلى المطبخ 
وعلى كدا هينوبنا إيه من لحمة العجل دى 
أطلق زفرة لعلها تخرج ما بداخله من ضيق وضجر من زوجته فأجاب 
هناخد كيس لحمة وبس الراجل دابح العجل عشان يوزعه كله لله مش لينا يا هويدا. 
لم تعقب بل أخذت تتحدث بسخط وبصوت لا يسمعه أحدا سواها 
قال يعنى إحنا مش غلابة 
ألقت نظرة لتتأكد أن زوجها لم يرها فأخذت أحد الأكياس المليئة باللحم ثم فتحت مجمد الثلاجة ووضعت الكيس داخله وإذا بها تنتفض من صوت صړاخ يأتي من الشقة المقابلة.
يا ساتر يا رب.
قالتها وركضت إلى الردهة فرأت زوجها يشير إليها بيده قائلا 
خليكي عندك وكملي الأكل أنا هروح أشوف إيه ربنا يستر. 
خرج وذهب ليطرق باب الشقة المقابلة مناديا 
حاج حسين يا آنسة رقية 
فتحت الباب فتاة في بداية العشرينات تبكي پخوف وهلع تخبره من بين بكائها 
ألحقني يا أستاذ عرفة بابا جيت أصحيه عشان أدي له الدوا ما بيقومش خالص ولا بينطق. 
ولج عرفة إلى الداخل في الحال واتجه إلى غرفة نوم جاره أمسك بإحدى يديه يده وباليد الأخرى ربت على خده 
يا حاج حسين 
وضع أطراف أنامله لدى رسغه ثم فعل هكذا لدى العرق النابض في عنقه حيث قام بوضع أنامله ليتأكد من النبض ساد الوجوم ملامح وجهه وأخذ يردد 
لازم ننقله للمستشفى حالا. 
وفي داخل المستشفى التابع للحي وقفت الفتاة أمام غرفة الفحص تبكي ويقف أمامها عرفة وزوجته.. التي قالت إليها بمواساة زائفة 
اطمني يا رقية أبوكي إن شاء الله هيقوم بالسلامة ملوش لازمة ټعيطي عليه ولا كأنه ماټ. 
وكزها زوجها بمرفقه في ذراعها يوبخها بصوت خاڤت 
يا ولية الملافظ سعد هي البنت في إيه ولا إيه 
خرج الطبيب فنهضت رقية بلهفة وقلق تسأله 
بابا عامل إيه دلوقتي 
أخبرها الطبيب ويبدو على وجهه التوتر والقلق 
لازم ندخله العمليات حالا لأنه مصاپ
بجلطة في القلب. 
قالت للطبيب برجاء 
بالله عليك يا دكتور أعمل له أي حاجة بس يقوم بالسلامة. 
نظر الطبيب إليها بأسف قائلا 
ما هو لازم حضرتك تدفعي على الأقل نص فلوس العملية والباقي بعد ما يخرج. 
شحب وجهها وهي تنظر إلى محفظة نقودها أخرجت منها كل ما تملك قائلة 
كل اللي أملكه حوالي ألف جنية. 
أخبرها الطبيب بحرج شديد 
والله يا آنسة رقية لو كان بإيدى كنت وافقت بس العملية تكلفتها حوالي عشرة تلاف جنيه ونظام المستشفى هنا لازم تدفعي على الأقل ربع المبلغ تحت الحساب. 
هنا تدخل عرفة وهو يخرج المال الذي أعطاه يعقوب إياه أوقفته زوجته وسألته 
إيه الفلوس دي 
جذب ذراعه من قبضتها قائلا 
أوعى يا ولية دي فلوس المعلم كنت هوزعها لله وأهى جت في الوقت المناسب. 
اقترب من الطبيب وأخبره 
لو سمحت يا دكتور معايا حوالي تلات تلاف جنيه ينفعوا دلوقتي عقبال ما نتصرف في الباقي 
أجاب الطبيب وهو يشير له نحو أخر الرواق 
ينفع طبعا وباقي المبلغ بعد العملية على طول. 
ألتفت إلى زوجته وأمرها قائلا 
بقولك إيه خدي بالك منها عقبال ما أخطف رجلي وأروح للمعلم أجيب منه باقي الفلوس وراجع على طول. 
أجابت على مضض 
حاضر يا أخويا أديني جمبها هروح فين يعني 
قالت رقية إليه بامتنان 
شكرا جدا يا أستاذ عرفة مش عارفة أرد جميلك دا ازاي ربنا يقدرنى وبابا يقوم بالسلامة وهرد لك الفلوس. 
ما تقوليش كدا الحاج حسين زى أبويا وفي الأول والآخر احنا جيران. 
دفعته زوجته
 


جانبا وقالت 
أيوه يا رقية يا ختي ده حتى النبي وصى على سابع جار. 
ونظرت إلى زوجها وأردفت 
يلا يا عرفة روح عشان تلحق تجيب الفلوس. 
ولج من باب منزله يتحمحم ويقول 
السلام عليكم يا أهل الدار. 
خرجت من الغرفة والقلق يسرى بداخلها خوفا إنه ربما قد رآها عندما خرجت من منزل الشيخة حسنات العرافة ازدردت ريقها ثم بادلته التحية 
وعليكم السلام يا سى يعقوب حمد لله على السلامة. 
ركضت نحوه لتلتقط الوشاح الحريري الذي يلقيه على كتفه جلس على الأريكة فچثت على ركبتيها أمامه لتخلع عنه حذائه الأسود سألها بحدة 
أمال فين جاسر 
كانت أختي هنا الصبح ومسك في حمزة ابنها خدوه معاهم. 
نظر إليها پغضب وصاح بها 
مش قولت مېت مرة ابنك ما يقعدش مع الواد ابن أختك ده تاني 
وماله ابن أختي إن شاء الله 
قد مل من ذلك الحديث الذي يكرره إليها عندما تسأله فأجاب بامتعاض 
لأنه عيل متدلع وقليل الرباية ودايما بيحرضه على المصاېب ولا نسيتي لما خلاه يفهمنا إنه بيروح المدرسة ولولا جواب الإنذار كان زمان ابنك مرفوض 
نهضت ووقفت أمامه عاقدة ساعديها قائلة 
ما خلاص يا يعقوب مش كل مرة تقول نفس الكلام. 
شعر بسأم من الحديث معها يعلم خصالها السيئة والتي أشهرها العناد والإصرار أشار إليها بيده وقال 
روحي يا راوية حضري ليا الغدا ربنا يهديكي. 
صدح رنين جرس منزله فكادت تتجه نحو الباب فأوقفها 
ادخلي أنتي جوه هاشوف أنا مين. 
ظهر إليه عرفة ويبدو عليه العجلة من أمره ألقى عليه التحية فبادله يعقوب ثم سأله 
خير يا عرفة فيه إيه اللحمة ما كفتش الناس 
ابتلع ريقه وأخبره 
بص يا معلم عم حسين اللي حكيت لك عنه اللي بيته وقع السنة اللي فاتت بسبب الزلزال وجه سكن في الشقة اللي قصادنا. 
كان الأخر ينصت إليه عاقدا ما بين حاجبيه فسأله باهتمام 
ماله 
ألتقط أنفاسه ثم أجاب 
تعب ودخل المستشفى والدكتور قال لينا لازم يعمل عملية لأنه بعيد عنك جاله جلطة في القلب والعملية تكلفتها عشرة تلاف جنيه بنته الوحيدة معهاش غير ألف فبصراحة أتصرفت عشان يدخلوه العمليات ودفعت التلات آلاف اللي المفروض أطلعهم لله. 
عقب يعقوب وهو يفكر في الأمر بعناية 
مش مشكلة أهو طلعوا لله برضو انت كدا عايز باقي المبلغ تعالي أقعد عقبال ما أدخل أجيب لك المبلغ. 
ذهب إلى غرفته وفتح الخزانة فتح درج خشبي صغير وتناول منه مبلغ من المال وقبل أن يغلق الدرج لاحظ أن هناك نقص في النقود الموضوعة.
عاد إلى عرفة وقال له بصوت خاڤت 
خد دول
تسعة تلاف ادفع باقي حق العملية والباقي إديه لبنته مؤكد هيحتاجوا فلوس ولو في أي حاجة تعالى قولي. 
رفع عرفة يده في وضع الدعاء 
ربنا يبارك لك يا معلم ويرضيك ويرزقك من حيث لا تحتسب. 
مع مرور كل دقيقة أصبح الانتظار لا يحتمل تجلس رقية متكئة ومرفقيها أعلى فخذيها وكفيها على وجهها تردد الكثير من الأدعية من أجل والدها تتلو ما تحفظه من آيات القرآن الكريم حتى وصل إلى سمعها صوت فتح باب غرفة العمليات خرج الطبيب ويعتلي الوجوم ملامح وجهه نهضت على الفور تسأله وقلبها على حافة الهاوية 
خير يا دكتور طمني على بابا. 
نظر إلى أسفل بحزن وأسف قائلا 
البقاء لله.
2
2
صوت الشيخ محمد رفعت يدوى بين أرجاء المنزل حيث تجلس النساء يرتدين الثياب السوداء وأمام المنزل نصبت السرادق يأتي الرجال لتأدية واجب العزاء الذي قام بالإشراف عليه عرفة وبعض رجال الحارة وقد أتى يعقوب فنهض عرفة ليرحب به ويعد له مقعد خاص
اتفضل يا معلم.
رفع يعقوب يده ليوقفه قائلا
ما تتعبش نفسك يا عرفة أنا جاى عشان أعزي الآنسة رقية هي فين
أجاب وهم بالعودة إلى داخل البناء
ثواني هقول لأم محمود هخليها تنده لها من جوا أصل الشقة عندها مليانة ستات كتير.
ذهب عرفة وأخبر زوجته بطلب يعقوب فولجت إلى داخل منزل رقية التي حاولت أن تتماسك أمام الجميع فمنذ أن أبلغها الطبيب پوفاة والدها لم تكف عن البكاء أبدا حتى لم يعد لديها قدرة على ذرف الدموع مرة أخرى ربما أصاب الجفاف عينيها.
دنت منها هويدا وأخبرتها بهمس أن يعقوب ينتظرها في الفناء لتعزيتها نهضت على الفور وخرجت إليه بينما هو كان يخفض بصره قال لها عندما وقفت أمامه
البقاء والدوام لله يا آنسة رقية.
سرعان ما اخترق سمعه صوت أنثوي ناعم قد أرهقه الحزن
حياتك الباقية يا معلم يعقوب.
وبدون أن يشعر نظر إليها وظلت عيناه تتجول على ملامحها التي تتميز بالهدوء والسکينة ربما لم تكن أكثر جمالا من زوجته لكن لديها شيء ينقص الأخرى بل أشياء كثيرة كان يتمنى أن يجدها في شريكة حياته كالقبول والراحة وكأن روحه وجدت ما تسكن إليه تلك العيون التي ذبلت من فرط الدموع اهتزت إليها جدران فؤاده ما هذا الشعور الغريب الذي داهمه من مجرد نظرة!
يلا بينا يا معلم.
كان صوت عرفة وعندما أدركه يعقوب تحمحم قائلا
لو محتاجة أي حاجة أنا تحت أمرك احنا جيران وكلنا واحد.
أومأت إليه وأجابت
تسلم يا معلم.
قاطع تلك اللحظة دخول مجموعة من السيدات قد
 

تم نسخ الرابط