ابناء يعقوب بقلم ولاء رفعت حصري
المحتويات
ربما الحب بينما هو لا يملك قلبه وكلما أراد أن يتواصل مع مريم لم يجد إجابة منها على اتصالاته قام بمهاتفة خالها فقدم إليه أعذار غير مقنعة إطلاقا لذا قرر أنه سيذهب لرؤيتها
انتبه إلى آية التي أخذت تناديه وكان شاردا اعتدل وأجاب
معلش يا آية سرحت شوية كنتي بتاخدي رأيي هتسافري ولا لأ بصي اعملي اللي هتلاقيه في مصلحتك يعني لو السفرية دي فيها نجاحك وإنك تحققي نفسك هناك يبقي ليه لأ
تبتعد فسألته
يعني انت عايزني أسافر
تنهد واستند بساعديه على المكتب فألقى عليها بجوابه على سؤالها الحقيقي
أنا عايزك تشوفي مصلحتك يمكن تلاقي فرصة أحسن ما تعلقيش نفسك
ازدردت ريقها وشعرت بالصدمة من إجابته التي أدركتها جيدا نهضت ووضعت أمامه مجموعة من الأوراق قائلة
وقبل أن تغادر أوقفها قائلا
أنا مبسوط إنك بتعتبريني زي ماجد أخوكي
أومأت إليه بابتسامة تخفي خلفها حزن عميق وانكسار أشاحت وجهها سريعا لمغادرة الغرفة حتى لا يرى عبراتها المترقرقة
زفر بين كفيه وشعر بالذنب لكنه قال لنفسه هذا أفضل لها
بدأت مراسم الحفل ما بين رقص وغناء داخل قاعة كبيرة تضم الكثير من الحضور توجد أريكتان يجلس على أريكة حمزة الذي يتراقص مكانه وبجواره رقية ويبدو على وجهها
أفردي وشك يا رقية عايزة الناس تقول على ابني متجوزك ڠصب
عارفة يا مريوم أنا محضر لك حتة مفاجأة هاتعجبك قوي
مازال يقف ويشاهد هذا من بعيد أخرج من جيبه علبة الخاتم الذي كان سيقدمه إليها دقات قلبه تسابق عقرب الثواني الذي يتحرك في ساعة يده أمسك بقوة العلبة التي في قبضته انتبه إلي عرفة القادم نحوه وعلى وجهه آلاف الاعتذارات وعندما توقف أمامه أخبره
هز رأسه مبتسما ولم يستطع منع هذه الدمعة التي انسدلت من عينه وفي التو قام بمسحها فقال
عندك حق يا عم عرفة
قرر أن يظهر صموده وقوته أمامهما لذا بدلا من أن يرحل ذهب إلي شقيقته أولا وقام بتهنئتها وصافح حمزة الذي قال
عقبالك يا چو
ثم نظر إلي جاسر الذي كان ينتظر ردة فعل شقيقه يظن أنه سيعاركه أو يوبخه وتمنى أن يحدث ذلك حتى يجد سببا للقيام بلكمه لذا كور قبضته استعدادا لهذا وقد خيب الأخر ظنونه عندما مد يده إليه وقال
ألف مبروك يا جاسر
رد بسخرية مبتسما
الله يبارك فيك يا يوسف نورت الفرح
حدق إلي مريم التي كانت تصرخ وتخبره بعينيها إنها مرغمة على ما يحدث تخبره في صمت إنها ليست خائڼة كما تقرأ في عينيه
مد يده إليها وقام بتهنئتها بنظرة تنضح بلوم وعتاب
مبروك يا مريم
رفعت يدها وكادت تبادله المصافحة مد جاسر يده وأمسك يدها قائلا
معلش يا يوسف مراتي ما بتسلمش على أغراب أصلي بغير عليها
هبهرك
كاد يحملها على ذراعيه فتركته واتجهت نحو رواق حيث تتفرع منه الغرف فسألها
رايحة فين يا حب دا أنا كنت لسه هشيلك كدا ضيعت لي اللحظة اللي كنت بحلم بيها مش مشكلة نعوضها في اللي جاي
ذهب وراءها وقبل أن يقترب من الغرفة أغلقت الباب فصاح
قفلتي الباب ليه
أجابت بحدة من الداخل
هغير هدومي
ذهب إلى الردهة قائلا بصوت خاڤت
لما ألف ليا سجارتين عقبال ما تخلص
كدا الدنيا كلها ماشية زي ما أنا عايز وهرجع حق أمي اللي نهبتوه يا ولاد يعقوب ولسه لما أخلص منك يا جاسر وأختك تحت سيطرتي
الداخل
روقه بت يا روقه أنتي نمتي ولا إيه دي ليلتنا يا حب يلا أفتحي وبلاش دلع
روح نام في الأوضة التانية وانسى أي حاجة انت ناوي عليها أنا وافقت على جوازنا عشان أمي وإخواتي مالهمش ذنب يتعايروا باللي عملتوا فيا
أطلق قهقهة ثم قال
وانتي بقي فاكراني هتأثر بالهبل اللي قولتيه دا وهاسيبك
انتفضت وقفزت من فوق الفراش پخوف تبحث عن أي شيء تحتمي به صاحت بشجاعة زائفة
المرة دي لو قربت مني هصوت وألم الجيران عليك وهعملك ڤضيحة في قلب العمارة
ضحك بسخرية قائلا
ولا حد هيعبرك
لأنهم عارفين إننا عرسان افتحي بقى عشان لو أنا اللي فتحت الباب هتزعلي مني
صړخت برفض تام
مش فاتحة وهقولها ليك للمرة المليار أنا بكرهك يا حمزة ولو راجل طلقني لأن أنا مش طايقاك
أنا راجل ڠصب عنك وعن أهلك ومش هطلقك لأنك بتاعتي
وفي منزل أخر ليس ببعيد تجلس في زاوية تبكي وتنعي قلبها كلما تذكرت نظرة من أحبته
إليها أرادت أن تدافع عن نفسها باستماتة أمامه لكن لا جدوى من ذلك فهي الآن أصبحت زوجة شقيقه قانونا فقط وهذا بعد إصرارها وقوتها التي أظهرتها أمام هذا الشيطان منذ قليل
صاحت بأعلى صوتا لها
قولت برة وعلى فكرة انت جوزي على الورق وبس مش نفذت اللي أنت عايزه أنا كمان هنفذ اللي أنا عايزاه
ابتسم بسخرية وعقب على حديثها
نعم يا حلوة لو فاكرة الكلمتين دول هيهزوني يبقى ما تعرفيش جاسر الراوي يعني اللي عايزه هو اللي هيحصل سواء بمزاجك أو ڠصب عنك
الفصل الرابع عشر
أوهمتك برحيلي فراقبتك من بعيد رأيتك بخير ولم تشتك الفقد فقررت الرحيل لتبقى بخير أكثر
بعد مرور أكثر من شهرين
أقسم بالله لو قربت مني لهرمي نفسي من الشباك وهيقولوا إنك اللي رمتني
زفر بضيق وضجر قائلا بنبرة تخلو من الصبر
خلاص ېخرب بيتك أبو الجواز وسنينه كان يوم أسود لما أتجوزتك هسيب ليكي البيت عشان ترتاحي
غادر المنزل وذهب إلى أحد النوادي الليلية التي يتردد عليها دائما فتقابل مع ابن خالته
مالك يا ابن خالتي حزين ومهموم ليه كد دا أنت حتى عريس جديد
كنت بهزر معاك يا أبو نسب طيب إيه رأيك بقى في اللي يقولك على فكرة أجمد وأديك جربت أفكاري وأهي نجحت قدام عينيك
أطلق زفرة وقال بنفاذ صبر
أخلص واشجيني
ظهرت على ثغره تلك الابتسامة الشيطانية فقال
فيه مثل بيقولك ما يكسرش الست إلا الست
سأله بدون تمعن في الكلمات التي ذكرها إليه
أخونها قصدك ما هي عارفة من يوم ما أتجوزنا إني كل يوم بسهر هن
لكزه في كتفه وأجاب
فتح مخك بقى خېانة إيه اللي بتتكلم عنها دي على أساس إنها بټموت فيك أنا قصدي إنك تجيب لها ضرة
ردد جاسر بتعجب
أتجوز عليها
في اليوم التالي
تجلس على الأريكة أمام التلفاز وتقشر الخضروات داخل إناء متسع ومستدير عاد زوجها من الخارج يحمل من الهموم أطنانا على كاهليه المنهكين من فرط ما يحمله منذ ۏفاة الحاج يعقوب
توقفت هويدا عن ما تفعله وسألته
مالك المرة دي يا أبو محمود ليكون البت مريم اتطلقت من جوزها
أطلق الأخر زفرة مطولة لعلها تخفف عما يحمله بداخله فأجاب
ياريته يطلقها ويسيبها في حالها أنا سمعته كان بيحكي في التليفون مع
الحاجة راوية واللي فهمته شكله مش مرتاح مع مراته ومش عارف يتصرف معاها وحلف بيمين طلاق تلاتة ليتجوز عليها
عقبت زوجته بتهكم
ېخرب بيته هو لحق يزهق منها وعايز يتجوز عليها كمان يا عيني عليكي يا مريم الظاهر بختك زي أمك الله يرحمها
وهنا أراد أن يلقي عليها بالخبر الصاعق
تخيلي عايز يتجوز مين
ردت وهي تلوح بيدها بعدم اهتمام
هتلاقيها واحدة من الستات
اللي ماشي معاهم
أخبرها بهدوء يحسد عليه
ده عايز يتجوز أمنية
انتبهت جميع حواسها لاسيما سمعها فسألته لتتأكد
أمنية مين بالظبط قصدك أمنية بنتك
أومأ إليها بحزن
للأسف يا هويدا أيوة
نهضت وأطلقت صوتها الجهوري الغاضب
وانت ازاي تسكت له يا عرفة هو أنا بنتي بايرة عشان تتجوز واحد لسه ماكملش شهرين جواز وفوق دا كله تتجوز على ضرة وضرتها تبقى بنت عمتها إن كان اللي بيتكلم مچنون يبقى
المستمع عاقل
يا ولية اهدي فيه إيه انتي شوفتيني وافقت أنا نفسي عمري ما هوافق على حاجة زي
كدا حتى لو فيها طردي من المحل المرة دي
جلست واضعة كفيها على فخذيها وعيناها تنضح بنيران كالشرر تخبره بأمر
انت اتصل بيه دلوقتي وقوله البت مش موافقة ولا إحنا موافقين وعنده البنات قد كدا ولا هو خلاص عشان عرفة غلبان ومش هيقول لا
تردد في فعل ما أمرته لكنه وجد لا فائدة من المماطلة فقال لها
حاضر هتصل بيه بالليل
صاحت بحسم
لا دلوقت حالا
أنا موافقة يا بابا
اقترب رجل متوسط الطول يحمل دفترا ورقيا وحقيبة سوداء تقدم منه أحد العمال وسأله
خير يا أستاذ
أجاب الرجل بجدية
أنا معايا إنذار من الضرايب وعايز أقابل صاحب سلسلة محلات الجاسر اللي كانت اسمها يعقوب وأولاده
ظهر على ملامح العامل التوتر فأخبر الرجل
طيب استني هشوفه موجود جوا ولا لأ
كان جاسر يجلس خلف المكتب ويراسل إحدى الفتيات
فقاطعه العامل يخبره
إلحق يا جاسر بيه راجل بيسأل عليك وبيقول إنه عايز يقابلك وإنه من الضرايب
أخرج من درج المكتب ورقة مالية وأعطاها للأخر و أمره قائلا
خد أديله الميتين جنية دي في جيبه وقوله يقولهم إنه ملاقنيش
أجاب
العامل
ده بيقول معاه إنذار يا بيه يعني شكله مبلغ وقدره والضرايب ممكن تيجي تحجز على المحل دا وباقي المحلات
ضړب يده على سطح المكتب وصاح پغضب
أول وآخر مرة تتدخل يا حيوان في اللي ملكش فيه أنا عارف أنا بعمل إيه غور يلا اعمل اللي قولت لك عليه
نظر العامل إلى الأسفل بحزن وقال
أمرك يا بيه
ذهب فقال جاسر
وإيه حكاية الضرايب اللي ما بتخلصش دي كمان دول بياخدوا أكتر من اللي بكسبه منهم لله هم و مراتي اللي منكدة علي في ساعة واحدة
استدار بزاوية بالمقعد الجالس فوقه فتح الخزنة وأخذ مبلغ من المال وقال
لما أروق على نفسي شوية هروح أسهر مع البت سماح فرفشة أهي تزيح عني الهم والنكد اللي عايش فيه من يوم ما أتجوزت البومة مريم
تجلس أمام التلفاز تشاهد أحد الأفلام الأجنبية الرومانسية وبها حكايات عن الحب والفراق ظلت تتأمل ذلك المشهد وكان البطل قد رأى حبيبته برفقة رجل أخر في احتفال جعلها تتذكر ذلك المشهد الذي لن تنساه قط نظرة
عيناه التي تلاقت بعينيها وكم الاتهام الذي وجهه إليها من خلال تلك
متابعة القراءة