ابناء يعقوب بقلم ولاء رفعت حصري
المحتويات
وقالت
عن إذنك بقى أنا ماشية عشان ما أتأخرش أنا كنت قايلة لأمي هنزل أشتري حاجة وطالعة دا غير لو جاسر عرف إن أنا هنا عندك هيطين عيشتي
كادت تتحرك نحو الباب فاعترض طريقها حدقت إليه بتوتر
فيه إيه يا حمزة
فيه إنك وحشاني قوي
بس يا حمزة مش اتفقنا إننا مش هانعمل كدا تاني غير لما أكون حلالك
ما أنا بعتبرك مراتي قدام ربنا دي مجرد تصبيرة بس لحد
يا لهوي جاسر أخويا
أشار إليها بيده وقال لها بهمس
خليكي هنا ما تتحركيش ولا أقولك أخرجي من الباب اللي على السلم وأنا هشوفه عايز إيه وهشغله لحد ما تمشى
أهلا عاش من شافك كنت مختفي فين يا صاحبي
أجاب جاسر بزهو وفخر من ارتكاب ذلك الذنب الكبير دون ندم
أبويا باعتني عشان أستلم له بضاعة من مينا بورسعيد استلمتها وخليت الرجالة يودوها على المحل وأنا بقى اتعرفت هناك على حتة بت أبوها مصري وأمها من روسيا
آه يا ابن الذين واتعرفت عليها ازاى دي
رفع جانب فمه بابتسامة وأجاب
بتشتغل فى الجمارك في الإدارة أنت عارف بقى صاحبك لما بيلاقي حاجة حلوة ما بيعدهاش من تحت إيديه
بالساهل هزرت وضحكت معاها ولاغيتها لاقيتها جاية معايا سكة طلع عندها شاليه في العجمي سافرنا على هناك وقضينا أحلى يومين
مين قدك يا عم دا أنت جاسر الراوي اللى مفيش واحدة تقدر تقوله لا
كم كان وقع هذا الإطراء على مسامعه يطربه ويجعله يستمتع بما سوف يرتكبه من معاصي وذنوب دون خوف من خالقه
أمال إيه يا بني مفيش بنت عرفتها إلا وكانت زى الخاتم في صباعي شوفت بقى كنت هتنسيني اللي كنت جاي لك عشانه
خير يا صاحبي
جيبت ليا الحاجة
ألقى حمزة نظرة إلى خارج المتجر ليتأكد من عدم مجيء أحدهم إلى هنا ثم أخرج من جيب بنطاله لفافة صغيرة من الورق الأحمر قائلا
خد دى حتة بتلتمية جنيه أجمد
من اصنف اللي قبله
أخذها جاسر ورفعها أمام عينيه ذات النظرة الشيطانية المخيفة وقال
مش عارف من غير الكيف دا الواحد كان ممكن يقدر يعيش ازاى ولا أستحمل حتى أبويا
نورت المحل يا ابن الغالي
ابتسم إليه وأجاب
تسلم ليا يا عم عرفة
ولج إلى الداخل متجها إلى مكتب
والده كان يجلس شاردا كعادته يبحر فى مخيلته مع التي سلبت قلبه ورحلت عن عالمه منذ واحد وعشرين عاما وما يعطيه بصيص من الأمل للاستمرار في العيش ما تركته له من ابن بار وصالح اسم على مسمي حقا لا ينسى تلك الأيام عندما تركه إلى زوجة عرفة ريثما ينتهي من مراسم الډفن و تلقي العزاء كانت تخبره دائما إنه طفل هادئ وذو طلة تجذب كل من يراه وكأنه محاط بهالة ملائكية جاذبة للمحبة وعندما انتهت أيام العزاء أخذه إلى زوجته راوية التي وضعت مولودتها فقرر تسميتها على اسم زوجته الأخرى المتوفاة تعجب على عدم تعليق أو اعتراض من ابنة عمه ظن إنها تحملت ذلك الأمر من أجل حالته التي يرثي لها كما طلب منها أن ترضع صغيره الذي رفض جميع أنواع
السلام عليكم يا حاج يعقوب
ألقى التحية على والده بمزاح ونظر إليه يعقوب مبتسما فكان في انتظاره رفع ذراعيه يسأله
عملت إيه يا غالى يا ابن الغالية
ارتمى بين ذراعيه وأخبره
نجحت بتقدير امتياز وسمعت أخبار حلوة من إدارة الكلية عن تعيين المعيدين واحتمال كبير أبقى معيد
ربت والده على ظهره بفرح مهللا
ألف ألف مبروك ربنا يوفقك يا بني ويعلي مراتبك كمان وكمان
انسحب من بين ذراعي والده قائلا
يا رب يا والدي وبرضو هيفضل مكاني في المحل زى ما أنا
وضع يعقوب يده على كتف ابنه فقال
المحل محلك يا ابني وكل ما أملك بتاعك أنت وإخواتك وواثق إن على إيديك هتبقى سلسلة المحلات وهيبقى ليها فروع في كل محافظة
أومأ إليه وبثقة أخبره
اطمن يا بابا ومش بعيد يكون عندنا مصنع وبنصنع ونبيع فى نفس الوقت
إيدي على كتفك والفلوس جاهزة وانت بقيت خريج إقتصاد وعلوم سياسية قد الدنيا وعلى رأى المثل إدي العيش لخبازه
عقب يوسف على حديث والده قائلا
بإذن الله يا بابا
كدا فاضل حاجة واحدة بس
نظر إليه باستفهام وسأله
حاجة إيه
أجاب مبتسما
العروسة
5
كان هناك أيضا من ينتظر الفرحة بترقب تمسك بهاتفها وتنتظر مكالمة هاتفية تقضم أظافرها بتوتر فقالت لها ابنة خالها القريبة منها في العمر وصديقتها
إيه يا بنتي عمالة تاكلي في ضوافرك قربتي تاكلي صوابعك نفسها
ألتفتت إليها بزاوية لتخبرها
خاېفة قوي يا أمنية نفسي أجيب تقدير عالي عشان أدخل الكلية اللي نفسي فيها
أخبرتها أمنية بمزاح
ما تخافيش يا مريم بإذن الله هاتجيبي أعلى تقدير ما هو مش بعد ما كنتي بتفضلي سهرانة لحد الفجر بتذاكري ومش بعرف أنام بسببك وفي الأخر كل دا يروح على الفاضي
ابتسمت مريم فازدادت جمالا تلك التي تمتلك ملامح والدتها بالإضافة إلى قدها الممشوق فالجمال نعمة ولدى البعض يصبح نقمة إذا أتى على رأس صاحبته بالمصائب والابتلاءات
ادعي ليا انتي بس من قلبك
رفعت أمنية يدها في وضع الدعاء قائلة
يا رب يا مريم يا بنت عمتو ليلى تجيبي امتياز وتدخلي الكلية وأنا يا رب خلاص رضيت بالدبلوم بس مش عايزة غير حاجة واحدة بس إنه يكون جاسر الراوي يبقى من نصيبي قولي آمين يا بت يا مريم
كانت تضحك على صيغة دعاء ابنة خالها هزت رأسها بسأم وقالت
آمين يا بنت خالي
صدح رنين هاتفها الخلوي فانتفضت أجابت على الاتصال بقلب يخفق بقوة ويد ترتجف من التوتر والقلق
ألو
أيوه أنا مريم هشام الوكيل
حاضر شكرا لحضرتك الله يبارك فيك سلام
لمست علامة إنهاء المكالمة وأظهرت الحزن على ملامحها رأتها أمنية في تلك الحالة فسألتها بقلق
هو قالك إيه
وإذا بها تصرخ بفرح عارم
أنا نجحت يا أونا وبتقدير جيد جدا كمان
ألف مبروك يا حبيبتي وعقبال العريس بقى وعقبالي يا رب أكون حرم جاسر الراوي
لكزتها مريم بمزاح
في كتفها
يا بنتي أتقلي دا زمانه كل ما بيشوفك يعرف إنك ھتموتي عليه
أمسكت بكلتا يديها لتخبرها عن مشاعرها تجاه هذا الجاسر
بحبه يا مريم بمۏت فيه بحبه يا ناس
انفتح الباب بغتة ودخلت هويدا تحدق ابنتها پغضب تسألها
هو مين دا
اللى بتحبيه يا مقصوفة الرقبة
اختبأت خلف ابنة عمتها وأجابت بإنكار
لا يا ماما أنا كنت بقول أشكرك يا رب أصل مريم نجحت وجابت جيد جدا وهتدخل الجامعة
نظرت هويدا نحو مريم وكأن أمر نجاحها غير هام وبدلا من أن تهنئها أو تبادر بالمباركة إليها قالت
دبلوم ولا معهد ولا حتى الجامعة كله محصل بعضه ومصاريف على الفاضي في الأخر هتتجوزي
شعرت أمنية بالحرج من
حديث والدتها التي لم تكف عن إزعاج ابنة عمتها كلما تنجح أو تفعل شيئا جيدا تأتي هي وتلقي عليها كلمات تجعل من جبل صامد فتات صخور محطمة لذا عقبت
الكلام دا يا أمي كان زمان ومريم شاطرة وإن شاء الله هتبقى دكتورة في الجامعة
اكتفت والدتها برفع جانب فمها بتهكم ثم أمرت كليهما
يلا يا هانم منك ليها ورانا غسيل وطبيخ وأبوكي بعد ساعة هيجي يتغدى
أتي المساء بظلامه الذي يغلب على قلوب البعض ونجوم سمائه تنير الدروب للبعض وهناك من يقضي لياليه في ملذاته التي
لا تأتي سوى بالخطايا
يسجل رسالة صوتية إلى الفتاة التي يراسلها منذ أكثر من شهرين يخبرها بالآتي
مش هتقولي ليا انتي مين برضو دا أنا قايلك كل حاجة عني حتى ببعت لك رسايل بصوتي مش واثقة فيا و لا إيه
أرسلت إليه صاحبة الحساب باسم حبيبي حياتي رسالة نصية عبر تطبيق الدردشة الشهير
طبعا واثقة فيك بس بصراحة مش هقدر أكلمك ولا تشوفني خليها تيجي بظروفها يا عالم يمكن تلاقيني قدامك في الحقيقة
عقب بداخل عقله
هى دي هاتفضل حياتك على طول تشتغل يومين مع أبوك وعشرة تقعد في البيت اللي قدك معاه عيال بقوا فى المدرسة وانت كل ما نجيب لك سيرة الجواز أو أكلمك على عروسة تقعد تطلع حجج ومبررات ملهاش لازمة كل ده عشان تعيش حياتك على كيفك
ألقى هاتفه وأطلق زفرة بضجر فأردفت والدته
انفخ يا أخويا انفخ أهو أخوك اللي أصغر منك بتسع سنين نجح في
الكلية وهيتعين كمان في الجامعة وانت خليك كدا قاعد زى الولايا في البيت
صاح پغضب ملوحا بيده
هو احنا مش هنخلص من حكاية أخوك عمل وهبب دي أروح أخلص لك عليه عشان ترتاحي
توقفت لوهلة حتى تستوعب الكلمة التي تفوه بها ابنها فهي تعلم مدى كراهيته لشقيقه وذلك منذ أن جلبه والده إلى المنزل وهذا يعود إلى التفريق في المعاملة بينهما فكان يعقوب كثيرا يطلق غضبه ويعاقبه كلما أخطأ و في نفس الوقت يحنو على صغيره ويفضله في المعاملة بل ووالدته كانت كذلك تهتم كثيرا بيوسف الذي يطيعها دائما بكل حب في المقابل كان ابن رحمها يفعل العكس ويجلب لها المشكلات ويجلب لها توبيخ زوجها إليها بأنها لم تستطع تربيته مما جعل الكيل يفيض بها ولم تعد تكترث إليه
أنا مش بكرهك في أخوك بس بقولك كون زيه في الصح أنت بقى اللي بتاخد نصايحي ليك على هواك
نهض من على الفراش
بس أنا بكرهه وهفضل أكرهه لحد أخر يوم في عمري تقدري تقولي عدوي اللدود وأنا اللي بيبقى عدوي بمحيه من على وش الدنيا احمدي ربنا إن أنا سايبه لحد دلوقت عايش ويلا عن إذنك أنا عايز أنام
قالها ودفعها بقليل من العڼف إلى الخارج وأغلق الباب في وجهها تركها في حالة صدمة تقسم بخالقها أن من كان يحدثها للتو كان شيطانا وليس ابنها
ظلت جالسة في الغرفة من بعد الانتهاء من وجبة الغداء وذلك بعد أن أخبرت خالها برغبتها لإكمال تعليمها و الذهاب إلى الجامعة اكتفى بكلمة المباركة لها على مضض وبعدم اكتراث إلى الأمر مما جعلها تشعر بالحزن بدلا من الفرح
محمود
حدق إليها بنظرة ساخرة يشوبها نظرات أخرى تعلم إلى ماذا ستنتهي مجيبا
فيه إيه مالك أتخضيتي كدة ليه دا أنا كنت بقولك مبروك
ابتعدت إلى
الوراء قليلا ونظرت إليه پغضب تنهره
مش هتبطل حركاتك الژبالة دي يا أخي
أجاب وهو يجول ببصره على جسدها بنظرة ذئب جائع يريد التهام فريسته بضراوة
تنكري إن الحركات دي كانت بتعجبك زمان ما هي لو مش على هواكي كان زمانك قولتي لأبويا
نظرت إليه بازدراء ولن تنسى هذا اليوم التي ذهبت لتخبر زوجة خالها
عما يفعله بها ابنها فوجدتها
متابعة القراءة