بقلم دعاء
المحتويات
معقول هما الاتنين غير بعض خالص يا بابا
قال والده بثقة معاك حق انا كمان مستغرب بس انت عارف أبوك مبيقولش حاجة غير لما يكون متاكد منها
ثم أردف قائلا بجدية قدامك يومين تفكر وترد عليا اتفقنا
زفر عبد الرحمن بحنق وهو يشيح بوجهه بعيدا قائلا بضيق حاضر
16الفصل السادس عشر
عل إيهاب الحديقة في أبهى صورة لاستقبال أخته وعمه وزوجة عمه بمساعدة فرحة ومريم ووفاء بشكل بسيط بعيدا عن التكلف بما يليق بالمناسبة فجعل من فروع الشجر الرفيعة على بوابة الحديقة بشكل متقابل بحيث تصبح كالسهم يتدلى منه بعض أضواء الزينة البسيطة وكذلك غطى علية المظلة الداخلية بأوراق الشجر والورود البيضاء
في الحديقة لم تخلو هذه المتعة من بعض المنغصات التي تسببت بها وفاء ومريم بسبب تخبطهم في الألوان وأختلافهم فيها وأثناء عراكهم كفتيات صغيرات لمحت
وفاء يوسف ووالدها يخرجان
خليكى يا وفاء العربية يدوب ده حتى أنا مش هروح معاه كانت مريم قد لحقت بها فقالت هي الأخرى
عاوزه أروح معاكم
وهنا هتف يوسف بحدة تيجى معانا فين أنت عاوزه تتنططى في أى حتة وخلاص
بتكلمها كده ليه يا يوسف هي قالت حاجة غريبة يعنى مش كده يا يابنى
يوسف انا آسف يا عمى عن اذنك علشان كده
يدوب ألحق معاد الطيارة
أستدارت مريم وتراجعت خطوات بطيئة وهي تضع يديها على فمها وتبكى بمرارة لحقت بها وفاء وأخذتها بعيدا حتى لا يراها إيهاب على حالتها هذه وحاولت أن تخفف عنها
بكت مريم بحرارة وهي تقول انا مش عارفة بيعاملنى كده ليه من ساعة ما شافنى وهو واخد مني موقف حتى لما تحصل حاجة بالغلط يفتكرها حاجة وحشة أو انا قصداها
قالت وفاء مستفهمة حاجة وحشة ازاى يعنى
تابعت مريم قائلة أى حاجة تتخيلها أقع يقوم وليد يمسك أيدى فيفتكرنى موافقة انه يمسكنى كده يشوف واحدة صاحبتى بتعمل حاجة غلط يقوم يفتكرنى موافقة على تصرفاتها وكل مرة أحاول اثبتله أنى مبعملش حاجة غلط ميدنيش فرصة ويسيبنى ويمشى وبعد كل ده يهزأنى قدامك انت وعمى ويشخط فيا انت متعرفيش الپهدلة اللى كنت بشوفها وانا بشتغل معاه
أشاحت بيدها قائلة بحنق مش طايقنى طبعا ومش عارفة ليه انا عملتله أيه علشان يعاملنى كده
قالت وفاء وهي تمط شفتيها ياعينى يا يوسف هو انت وقعت ولا الهوا اللى رماك
رفعت مريم رأسها بعينين دامعتين قائلة تقصدى ايه
ضحكت وفاء بصخب وقالت وأنت كمان يا مسكينة الله يرحمكم ويحسن إليكم
قامت وفاء من مكانها وجلست قريبا من مريم وقالت بخفوت قصدى أنه بيحبك يا عبيطة وبيغير عليكى
تحجرت عيني مريم وهي تنظر إلى وفاء بعدم تصديق فأومأت لها وفاء برأسها مؤكدة وهي تقول
وانت كمان بتحبيه
نهضت مريم وكأنها لدغت وهي تصيح في وفاء أنت شكلك اټهبلتى يا بت أنت والقضايا اللى بتذاكريها لحست مخك
ثم انصرفت وهي تتابعها ضحكات وفاء المتواصلة في شغف وقلبها يرتجف مع ارتجافة ابتسامة شاحبة غير مصدقة على شفتيها
وبعد ثلاث ساعات كان الجميع يتجهز ويتم وضع اللمسات الأخيرة على ديكور الحديقة الجديد حتى سمعوا صوت أبواق سيارة يوسف تنطلق متتالية وكأنه في زفاف ذهب الجميع إلى بوابة الحديقة في سعادة وقد كانت سعادة مريم لا توصف حينما رأت اختها إيمان تهبط من السيارة وقد زاد نور وجهها أكثر وأكثر وزاد جمالها دون وضع أى من أدوات الزينة عليه نعم إنه نور الطاعة يزداد بها أسرعت إليها بخطوات قريبة إلى العدو ولم تنتظر إيمان حتى يستطيع يوسف أن يدخل بالسيارة بشكل كامل خرجت مسرعة إلى اختها التي تعدو إليها وسكنت مريم في حضڼ أختها وكأنها أمها عادت إليها بعد غياب مسحت إيمان
على رأس مريم وهي تنظر إلى إيهاب بشوق كبير أقبل عليها إيهاب وحاول انتزاعها من مريم ولكنه لم يستطع كانت متشبثة بها بقوة فاضطر لاحتضانهما معا وقبل رأس أخته بحنان وشوق بالغ وهو يقول بابتسامة عذبة
وحشتينا يا حجة خلاص بقيتى حجة رسمى ها
ضحكت ايمان ضحكة أشرق بها وجهها فزاده بهاء وقالت لا برده لسه مش رسمى أوى دى عمره مش حج
طبعا انت صاحب الأفكار البديعة دى
أشار إيهاب إلى فرحة قائلا وهو يغمز لها مش لوحدى
لم تفارق مريم إيمان ظلت ممسكة بيدها وهما جالسين في الحديقة كأنها تقول لها أحتاجك بشدة وأفتقدك نهضت أم وليد تصيح في الخادمة
يالا يا بت هاتى الأكل بسرعة
قالت عفاف بطيبة طب ما نطلع فوق احسن بدل ما البنت تقعد طالعه نازله تجيب في الأكل
قالت وفاء على الفور لا يا طنط احنا عاملين حفلة باربكيو كلوا مشويات
ثم أشارت إلى مريم وهي تقول يالا يا مريم نساعد البنت الغلبانة دى
منعتها أمها وقالت تساعديها ليه هي بتاخد شوية دى بتاخد على قلبها قد كده
تحدثت إيمان قائلة بهدوء وفيها أيه يا طنط الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان بيجيله ضيف كان بيخدمه بنفسه
رمقتها فاطمة بنظرة جانبية وهي تقول عليه الصلاة والسلام ياختى
عانقها أخاها مرة اخرى وهو يقول وحشنا كلامك والله يا إيمان
بعد الانتهاء من
تناول الطعام قالت وفاء موجهة حديثها لإيمان قوليلى بقى يا إيمان لما روحتوا المدينة المنورة ووقفتى قدام قبر النبى عليه الصلاة والسلام حسيتى بأيه
أشرق وجهها وهي تقول بعيون لامعة
ياه يا وفاء مقدرش أوصفلك أحساسى أبدا حسيت پسكينة وراحة في قلبى وخصوصا وانا بقول السلام عليك يا رسول الله قلبى ارتجف كأنى واقفة قدامه عليه الصلاة والسلام
ثم تابعت وكأنها انتبهت لشىء وقالت بس تعرفى يا وفاء حجرة النبى اللى كان عايش فيها وادفن فيها كانت صغيرة أوى يمكن المظلة دى أكبر منها في الحجم مع أن النبى أكرم خلق الله على الله وحبيب الرحمن ورغم كده كان بيته بالحجم ده وبالتواضع ده واحنا بيوتنا كبيرة أوضتين وتلاتة ويمكن اكتر ورغم كده نقعد نشتكى ضيق الحال وضيق الرزق واللى ساكنة في شقة عاوزه فيلا واللى عندها فيلا عاوزه قصر سبحان الله
نظر حسين إلى عبد الرحمن نظرة ذات
معنى وكأنه يقول له شوفت بقى انا اخترتلك ايه
جلست مريم مع إيهاب في غرفة المعيشة بجوار إيمان في شقتهم وهي تحكى لهم تفاصيل رحلتها الروحانية الجميلة وهما يستمعان في انتباه والأبتسامة مرسومة على شفتيهما إلى أن قال إيهاب
الله يا إيمان شوقتينى اروح عمره إن شاء الله اروح قريب أول ما اخلص تشطيب العمارة اللى عمى ادانى شغلها ويبقى معايا مبلغ محترم هسافر على طول
قالت مريم ده مبلغ يابنى يطلعك حج مش عمره انت والعيلة كلها
رمقته ايمان بنظرة متفحصة وهي تقول طب أيه رأيك طالما المبلغ حلو كده قبل ما تطلع العمرة تخطب فرحة
أبتسمت مريم وهي تنظر إلى إيهاب الذي ابتسم بدوره ولكن ظهرت عليه علامات الحيرة وهو يقول لها
تفتكرى يا إيمان تفتكرى عمى يوافق
ثم نهض مترددا وقال وبعدين هي نفسها ممكن متوافقش
قالت إيمان بثقة انا متأكدة انها هتوافق
لمعت عيناه بشغف قائلا وعرفتى ازاى هي قالتلك حاجة
أشارت له بأصبعها نافية وقالت بابتسامة مداعبة لا طبعا هي دى حاجة تتقال انا اللى عندى الحاسة السادسة والسابعة والعشرة كمان
صمت مفكرا إلى أن قال ببطء تفتكرى كده يعنى أتوكل على الله وأكلم عمى
بس لو قالى هتعيشها فين اقوله ايه في بيتك لا مينفعش استنوا لما يبقى معايا مبلغ تانى اجيب بيه شقة بره تليق بيها
صاحت مريم بمرح ليه بس يا هوبه انت ناسى الأعتراف اللى عمامى قالوا لإيمان اننا لينا نصيب في البيت هنا يعنى الشقة اللى هتجوز فيها بتاعتك من ورث بابا الله يرحمه يعنى ملكك
قالت ايمان مؤكدة أنا مع مريم يا إيهاب وعلى فكرة عمى عاوز يكتبلنا نصيبنا بيع وشړا بس مش عاوز ماما تعرف حاجة زى كده
ثم نظرت لمريم موجهة الحديث إليها سامعانى يا مريم
مريم انا وعدتك يا إيمان خلاص
تابعت ايمان وهي تنظر لإيهاب وافق يا إيهاب علشان خاطرى أنا نفسى تتجوز بقى وكمان هتسكن معانا في نفس الدور في الشقة اللى قدامنا على طول يالا توكل على الله واستخير ربنا
أومأ ايهاب برأسه موافقا وقال بسعادة غامرة طول عمرك بتفتحيلى الأبواب يا ايمان وبتحفزينى دايما
مضى اليومان المهلة التي طلبها عبد الرحمن من أبيه ليفكر فيهما في موضوع زواجه من إيمان كان يجلس في مقعده الخاص في شرفته المطلة على الحديقة شاردا حتى أتاه صوت أخته تناديه ألتفت
إليها قائلا
ايوا يا فرحة في حاجة
قالت فرحة تداعبه أيوا يا رومانسى بابا عاوزك في أوضة المكتب حالا بالا
قال عبد الرحمن وهو ينهض طب روحى انت يا غلباوية
دخل عبد الرحمن غرفة والده بعد أن طرق الباب وأغلقه خلفه وهو يقول السلام عليكم حضرتك بعتلى يا بابا
أشار له والده أن يجلس وهو يقول اقعد يا عبد الرحمن
ثم تابع أيه يعنى مردتش عليا اليومين عدوا
قال بعدم فهم أرد على أيه
رمقه والده بنظرة صارمة وقال وانا اللى قلت انك بتستخير ربنا أتاريك الموضوع مش في دماغك أصلا
تذكر عبد الرحمن الحديث الذي دار بينهما على متن الطائرة بالفعل لقد نسيه لا لعدم أهيمته ولكن لعلمه أن والده مصر على هذه الزيجة وفي كل الأحوال سوف يضطر للموافقة انتزعه والده من بين أفكاره قائلا
يعنى مردتش
عبد الرحمن بابا هو حضرتك لسه مصمم على الموضوع ده
قال حسين بإصرار أنت شايف أيه
أجاب عبد الرحمن باستسلام خلاص يا بابا حضرتك اعمل اللى شايفه صح
تنهد حسين وهو ينظر لولده يحاول أن يستشف ما بداخله في صمت ثم قال بهدوء يابنى انت عارف قيمتك عندى كويس وانا مش عايز اجبرك على حاجة وكمان إيمان زى بنتى ومرضاش أبدا انها تجوز واحد مجبور عليها
أستند عبد الرحمن بظهره إلى مقعده وهو يقول يا بابا والله إيمان بنت زى الفل وزوجة رائعة لأى حد في الدنيا وانا مش مجبور ولا حاجة كل الحكاية انى كان نفسى أحب البنت اللى هتجوزها الأول لكن خلاص اللى فيه الخير يقدمه ربنا
ابتسم والده
متابعة القراءة