بقلم دعاء
المحتويات
وقال ببطء
مريم لو رديتك هتحسي انى رجعتك ڠصب عنك
حاولت سحب يدها ولكنه تمسك بها وقال برجاء
أنا مش قادر اضغط متسحبيش ايدك كده هتتعبينى
قالت بصوت يسمعه بالكاد
طيب سيب أيدى
تمسك بها أكثر قائلا بحب
لما تردى عليا الأول انت عندك استعداد تكملى حياتك معايا وتنسى اللى فات
صمتت ولم تجبه كانت تشعر بأن قلبها سيقفز من صدرها من فرط الإنفعال والإضطراب والخجل حاولت أن تهرب من حصار عينيه ولكنها لم تستطع كانت نظراته تحيط بها من كل اتجاه تحتويها بل
قاطعتهم طرقات خفيفة على الباب يتبعه دخول الطبيب الذى أخذ يفحص يوسف الذى لم يرفع بصره عن مريم وبعد أن انتهى الفحص وخرج الطبيب توجهت مريم إلى ركن من أركان الغرفة لتصلى
تعمدت أن لا تنظر إليه وهى تتوجه إلى الفراش المقابل له صعدت إليه واسندت بظهرها وهى تغمض عينيها بأرهاق يبدو على ملامحها بشكل واضح فقال يوسف
قالت وهى تسحب الغطاء وتتدثر به جيدا
هنام ساعة بس لو احتاجت حاجة صحينى بسرعة متترددش
قال مداعبا وهو لا ينظر إليها
لالا نامى انت ولو احتجت حاجة هبقى اقول للممرضة
أعتدلت لتجلس مرة أخرى فقال وهو يشير لها أن تعود
كما كانت
بهزر والله نامى أنا كمان محتاج ارتاح شوية
فى اليوم التالى صباحا كان حسين هو أول من طرق باب غرفة وليد فى المشفى ودخل بعد سماع الأذن بالدخول لم يكن هناك أحد بالغرفة سوى وليد المسجى على الفراش ووالدته تجلس بجواره تبكيه فقال بحرج
فتح وليد عينيه على صوت عمه فلم يستطع مواجهته كانت آلامه رهيبة ولكن رؤيته لعمه جعلته يشعر وكأن الهواء انقطع من الغرفة فجأة وأخيرا تكلم حسين قائلا بجمود
حمد لله على السلامة
وقفت فاطمة فى حرج وهى تتمتم
الله يسلمك يا حاج حسين أتفضل
قال بهدوء
لا متشكر مفيش داعى أنا جيت بس أطمئن على وليد واقوله ان ابن عمه قال فى التحقيق انه ماشفش اللى ضربه وكان هيموته ياريت لو حد سألكوا تقولوا نفس الكلام سواء من النيابة ولا من غيرها
حمد لله على السلامة مرة تانية سلام عليكم
خرج حسين من الغرفة وقبل أن يصل للمصعد وجد إبراهيم مقبل عليه من بعيد فوقف ينتظره سبقته عينيه ونظراته المتسائلة قبل أن يصل إليه بجسده وما إن وقف أمام أخيه قال
انت كنت بتزور وليد
أومأ حسين برأسه قائلا
ده واجب مهما كان وبرضة كنت باعرفه يوسف قال أيه فى التحقيق علشان تحت أى ظرف يبقى عارف انه مش متوجهله أى تهمة
أنا مش عارف اقولك ايه يا حسين بس انت عارف ان يوسف احسن عندى من ابنى
ربت حسين على يده قائلا
المهم دلوقتى أخبار فريق العمال اللى جايين علشان الأسانسير أيه وصلوا للسبب
قال إبراهيم بحيرة
هما خلاص بيخلصوا ومعاهم كمان ناس من الحكومة بيطلعوا على التقارير النهائية
قال حسين فى قلق
والنتيجة ايه
قضاء وقدر
نظر له حسين بتمعن وقال بدهشة
معقول يعنى مفيش سبب معين
حرك إبراهيم رأسه نفيا وقال
بكرة المحرك فلتت من غير أى سبب واضح ومنقدرش نتهم الشركة بأى حاجة لأن مفيش أى عيب يخص الصيانة أو التركيب
ثم نظر إلى أخيه نظرات مضطربة حزينة فقال حسين
عاوز تقول حاجة يا ابراهيم
فقال على الفور پانكسار
سامح وليد يا حسين اللى وصله ده غلطتى انا وامه مش غلطته هو لوحده سامحه وخلى يوسف يسامحه يوسف راجل وكفاية انه
قال انه ميعرفش مين اللى ضربه
وضع حسين يده على كتف أخيه قائلا
ربنا يسامحنا كلنا يا ابراهيم احنا محتاجين نسامح بعض علشان ربنا يسامحنا يلا استأذن انا بقى علشان اروح أطل عليه سلام عليكم
ذهب حسين بينما دخل إبراهيم حجرة وليد فوجد الطبيب يتمم فحصه وعندما انتهى سأله فى رجاء
أيه الأخبار
يا دكتور هيقدر يمشى تانى ولا لا
أومأ الطبيب برأسه وهو يدون ملاحظاته عن حالة وليد وقال
يا حاج انت بتسأل عن حاجة لسه بعيدة أوى احنا لسه يدوب فى البداية والحالات اللى زى دى بتاخد وقت طويل لحد الشفا الكامل وده محتاج جهد وصبر واستعانه بالله
خفض إبراهيم رأسه وهو يقول
ونعم بالله يا دكتور
ربت الطبيب على كتفه وخرج من الحجرة وتركهم جلس إبراهيم بجوار زوجته وهو ينظر لولده الممدد أمامه على فراش المړض حالته غير مستقرة آلامه متواصلة قلبه يعتصره الألم حزنا وندما فلم يكن له الأب الناصح المربي الحنون وإنما انشغل وتركه هو وأخته وتصور أن جمع المال هو أقصى جهد يمكن بذله من أجلهم نسى دوره الأصلى حتى زوجته لم يعاملها كما يجب ليصلح أخطائها وعيوبها وإنما كان يتركها ويهرب منغمسا فى عمله شعر أنه المسؤل الأول والرئيسى عن ما وصلوا إليه جميعا أخذ يستغفر ويسترجع ويدعو الله أن يساعده ويقويه فى طريق أصلاح ما تركه يفسد طيلة السنوات الماضية
طرق حسين باب حجرة ولده فى المشفى ودخل إليه مبتسما أقترب من فراشه وقال بابتسامة حانية
أزيك النهاردة يا يوسف
حاول يوسف النهوض أو الأعتدال فى فراشه ولكن والده ساعده فى العودة كما كان فى وضع الأستلقاء وهو يقول
خليك يابنى متتعبش نفسك
قال يوسف بسعادة لرؤية أبيه
الله يسلمك يا بابا انا بخير طول ما حضرتك راضى عنى
وضع المقعد بجوار فراشه وجلس عليه وهو يقول
ربنا يرضى عنك وعنا يابنى
ثم قال وهو
ينظر إلى الفراش الآخر
مريم فين
قال يوسف بابتسامة
فى الحمام بتتوضا
وهى عامله ايه دلوقتى كان شكلها تعبان أوى امبارح
خرجت مريم من الحمام وهى تجفف
يدها من أثر ماء الوضوء أبتسمت وهى تنظر إلى عمها وذهبت إليه تصافحه فقبل جبينها وهو يقول
عاملة أيه النهاردة شكلك اتحسنتى عن امبارح كتير الحمد لله
قالت بابتسامة رضا
انتوا سابينى هنا وواقفين تتكلموا المفروض ان انا المړيض على فكرة
قال حسين وهو يتجه إلى مقعده مرة أخرى ويجلس عليه
متستعجلش دلوقتى تلاقى اخواتك وامك طابين عليك
ذهبت مريم إلى ركنها الذى اتخذته مصلى فى الحجرة ووقفت تصلى فنظر يوسف لأبيه وقال بصوت منخفض بعض الشىء
بابا لو سمحت انا عاوز ارد مريم بس مش عاوز يبقى ڠصب عنها ومش عارف
اعمل أيه
تفحصه أبيه وقال بنفس النبرة الخفيضة
ومسألتهاش ليه
مط يوسف شفتيه فى تبرم قائلا
سألتها مردتش عليا مرضتش أحاول معاها كتير علشان متحسش انى بضغط عليها بتعبى واللى حصلى ده
وأستدرك قائلا برجاء خجل
ممكن حضرتك تكلمها وتحاول تقنعها
حسين
أنا رأيى انك تستنى لما ربنا يتم شفاك وتخرج من المستشفى وترجع البيت ساعتها تكلم معاها تانى وهيبقى ليها وقتها حرية الرفض أو الموافقة لكن انا لو كلمتها هتفتكر ان دى رغبتى وممكن توافق علشان متزعلنيش
أنتهت مريم من صلاتها وجلست تتلو الأذكار طرق الباب ودخلت عفاف مسرعة إلى ولدها جلست جواره تتحسسه بلهفة
عامل ايه يا حبيبى النهاردة أنا كنت ھموت واجيلك من بدرى بس ابوك منعنى
أخذ يد أمه وقبلها قائلا
الحمد لله يا ماما متقلقيش انا بقيت زى الحصان
أطل إيهاب برأسه إلى الداخل قائلا بابتسامة مرحة
صباح الخير يا مطعون
ضحك يوسف وهو يتحسس جرحه قائلا
بطل تضحكنى يا جدع انت حرام عليك الچرح بيألمنى لما بضحك
تبعته فرحة التى لحقت بأمها بجواره تطمئن عليه وقالت
ايمان وعبد الرحمن بره ومعاهم وفاء وجوزها
نظر حسين إلى إيهاب قائلا
خليهم يدخلوا يابنى
وقفت وفاء أمامه بعينين دامعتين وقالت بخجل
حمدلله على السلامة يا يوسف ربنا يقومك بالسلامة
قال بابتسامة صافية
الحمد لله يا وفاء انا كويس
بينما قال عماد بدهشة
أنا مش عارف ايه اللى حصلكوا ده انت ووليد فى يوم واحد حاجة غريبة فعلا
قال عبد الرحمن مقاطعا
قدر الله وماشاء فعل ربنا يقومهم بالسلامة هما الاتنين
واستدرك قائلا
تعال معايا نجيب للچماعة دول حاجة يشربوها بدل ما يدعوا علينا ولا حاجة
نهضت وفاء قائلة
لا مفيش داعى يا عبد الرحمن احنا ماشين على طول
قال عبد الرحمن بتصميم
لا مينفعش يالا يا أستاذ عماد
خرج عماد وعبد الرحمن وأغلق الأخير الباب خلفه فقالت وفاء
أنا عرفت اللى عملته مع وليد فى التحقيق يا يوسف حقيقى انت راجل أوى وطول عمرك شهم وانا عارفة انى موقفى صعب لأنى أخته لكن انت عارفنى كويس
ولم تستطع أن تتحدث أكثر وبدأت دموعها فى الحديث عنها فقالت عفاف
متعيطيش يابنتى انت طول عمرك قريبة مننا وعارفينك كويس واخوكى ربنا يسامحه ويسامحنا كلنا
قال يوسف مستكملا لحديث والدته
متعيطيش يا وفاء دموعك غالية عندى وانت عارفة مكانتك عندى كويس مش محتاجة تتكلمى الكلام ده
نظرت له مريم نظرة ذات معنى وجلست بعيدا وهى تشعر بالحنق من كلماته لها بينما قالت إيمان
الحمد لله الدكتور طمنا قبل ما ندخلك وقالنا بالكتير يومين تلاتة وتخرج بالسلامة
ذهبت وفاء وزوجها وانصرف الجميع عند انتهاء الأوقات الرسمية للزيارة وبقيت مريم مرافقة له جلست على الفراش الآخر بجواره وفتحت المصحف وبدأت بالقراءة فى همس
جعل ينظر إليها
وهى تقرأ وكلما واتته الفرصة ليقاطعها ويطلب منها العودة ټخونه شجاعته ويصمت فى تردد حتى انتهت ووضعت المصحف وقامت لصلاة العشاء وبعد أن انتهت من أذكار الصلاة ونهضت متجهة إلى فراشها مرة أخرى قال سريعا
مريم
ألتفتت له فقال
ممكن تحطيلى المخدة ورا ظهرى عاوز اتعدل علشان اصلى انا كمان
ترددت لحظات فقال
خلاص لو هضايقك
قالت متلعثمة
لا مفيش مضايقة ولا حاجة
كان لابد أن تتخذ وضعا معينا لكى تستطيع أن تساعده على الإتكاء قليلا لتضع الوسادة خلف ظهره فابتعدت مرة أخرى مترددة فى ارتباك وخجل فقال لها
طيب خلاص ارفعى السرير مش لازم مخدة
وعندما انتهى من صلاته التفتت إليه وقالت
تحب انزلك السرير شوية
أبتسم وهو يحرك رأسه نفيا قائلا
لا متشكر انا اصلى مش جايلى نوم دلوقتى
تنحنحت فى حرج وهى تقول بارتباك
طبعا انت مش زعلان من وفاء صح
نظر إليها قائلا
وهزعل منها ليه وهى ذنبها أيه وفاء طول عمرها بنت كويسة أوى
شعرت بالحنق مرة أخرى وظهر ذلك على نبرة صوتها وهى تقول
اه ما انت قلتلها كده
ونظرت له نظرة جانبية وهى تستدرك قائلة
وأكتر من كده كمان
راوده أحساس بالسعادة عندما لمح الغيرة فى صوتها ونظر إليها بعمق يتأملها ويتفحص معالم وجهها المضطرب وقال بخفوت
قلتلها أيه مش فاكر
قالت باندفاع وهى تلوح بضجر
قلتلها دموعك غالية عليا أوى وانت عارفة مكانتك عندى كويس
منع الأبتسامة التى كانت تريد القفز على شفتيه حتى لا يقطع عليها استرسالها الحانق على كلماته لوفاء وقال بهدوء
ماهى فعلا طول عمرها
ليها مكانة عندى
لم تلحظ استدراكه لها فقالت بضيق
ومتجوزتهاش ليه بقى لما بتحبها أوى كده
لم تستطع الأبتسامة الصبر أكثر
من هذا خدعته وقفزت على شفتيه رغما عنه وهو يقول
أنا قلت برضة أنى بحبها جبتى الكلام ده منين
رأت ابتسامته وشعرت بمراوغته فى الحديث فأشاحت بوجهها بعيدا ولم تجبه فأردف قائلا وهو يتفحصها بابتسامته العذبة
أنا محبتش غير واحدة بس وبدعى ربنا فى كل وقت انها
متابعة القراءة