هل تقبل صلاة من يحبس الغازات والبول ؟.. الإفتاء تجيب
حكم حبس البول والريح أثناء الصلاة
يكره أن يحبس الإنسان إطلاق الريح أثناء الصلاة إلا إذا كان مضطرا لذلك، ويجب الوضوء عند كل صلاة للشخص المريض بالقولون ولا يقدر على الإمساك بنفسه.
وصلاة الحاقن وهو الحابس للبول والحابس لإطلاق الريح فيها شيء من الكراهة لو تعمدها الإنسان، أما إذا كان من أصحاب الأعذار فلا شيء عليه وهنا لا يجمع المريض بتلك الأمور بوضوء واحد للصلاة وعليه الوضوء قبل كل صلاة.
الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فإنَّه يُكرهُ للمسلم أداءُ الصلاة مع وجودِ ما يَشْغل القَلْبَ، أو يَقْتَضي صرفَه عن صلاتِه، أو يقطع خشوعَه: كالصَّلاة بِحَضرة الطَّعام، أو مع مُدافعة الأَخْبثَيْنِ وحبس الرِّيح، وكذلِك كلّ ما يشغل الإنسانَ لا يُصلِّي في حال اشتِغاله، وإن كانت تلكَ المُدافعة لا تُبْطِلُ الصَّلاة، ولا تُجيزُ الخروجَ منها؛ إلا أن يَخرج الريح فتبطُل الصلاة. وحيث إنَّ السَّائلة الكريمةَ ليستْ مريضةً بانفلات الريح، ولا يُصِيبُها هذا الأمر بصفةٍ مُستمرَّة، فلا تلْحَقُ بأصحابِ الأعذارِ، الَّذين بيَّنَّا حُكْمَهم في فتوى: "حكم استطلاق الريح". وقد نصَّ الجُمهور على: كراهةِ ابتِداء الصَّلاة، والدُّخول فيها لِمن كان يدافعُه الأخبثان، وحَملوا نفْي الصلاةِ الوارِد في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا صلاةَ بِحضرةِ الطعام، ولا لِمَن يدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ" (رواه مسلم)، من حديث عائشة رضي الله عنها على نفْيِ الكمال، وليس نفْيَ الصِّحَّة، قال الإمام الصنعاني رحِمه الله في "سُبُل السلام": "أيْ لا صلاةَ وهو -أي المصلِّي- يُدافِعُه الأخبثانِ: البولُ والغائط، ويلْحَقُ بِهِما مُدافعة الرِّيح، فهذا مع المُدافعة، وأمَّا إذا كان يَجِدُ في نفسِه ثِقَل ذلك، وليس هُناك مدافعةٌ، فلا نَهْي عن الصَّلاة معه، ومع المُدافعة فهي مكروهة، قيل: تنزيهًا لنُقْصانِ الخُشوع، فلو خَشِيَ خُروج الوقت إن قدَّم التَّبرُّز وإخراج الأخبثين، قدَّم الصَّلاة، وهي صحيحةٌ مكروهة".اهـ. وحديثُ عائشةَ، وإن كان ظاهِرُه يدلُّ على بُطلان صلاةِ مَن هذِه صِفَتُه؛ إلا أنَّ هذا الظَّاهر مصروفٌ بِحديث عباد بن تَميم عن عمِّه: أنَّه شكا إلى رسولِ الله صلَّى الله علَيْه وسلَّم الرَّجُل، الذي يُخيَّل إليْهِ أنَّه يَجِدُ الشَّيْءَ في الصَّلاة؟ فقال: "لا ينفتِل أو لا ينصَرِف - حتَّى يَسمَع صوتًا أوْ يَجِدَ ريحًا" (متَّفق عليه). قال النَّوويُّ في "المجموع": "يُكْرَه أن يصلِّي، وهو يُدافِع البَوْلَ أو الغائطَ أو الرِّيح، أو يَحْضُرُه طعامٌ أو شرابٌ تتوقُ نفسُه إليْهِ؛ لحديث عائشةَ، قال أصحابُنا -أي الشَّافعيَّة-: فينبغي أن يُزيلَ هذا العارض، ثُمَّ يشرعَ في الصَّلاة، فلو خافَ فوْتَ الوقْت فوجهان: الصَّحيح الذي قطع به جَماهيرُ الأصحاب: أنَّه يصلِّي مع العارضِ؛ مُحافظةً على حُرْمةِ الوَقْت، ثُمَّ يقضيهِ؛ لِظاهِر هذا الحديث، ولأنَّ المُرادَ من الصَّلاة الخشوعُ، فينبغي أن يُحافِظ عليه". وقال عزُّ الدين بن عبدالسَّلام في "قواعد الأحكام": "أن يُنهى عن الشَّيْءِ لفَوَاتِ فضيلةٍ في العبادة فلا يقتضي الفساد: كالنَّهْي عن الصَّلاة مع مُدافعة الأخبثَيْنِ، فإنَّه يُنهَى عن ذلك لما فيه من تشويشِ الخُشوع، ولو ترك الخشوع عمدًا، لصحَّتِ الصَّلاة".اهـ. وعليه؛ فإنِ اضطُرِرْتِ للمُدافعة أثناء الصلاة، فلا حَرَجَ عليْكِ، وصلاتُكِ صحيحةٌ -إنْ شاء الله- قال ابنُ قُدامة في "المغني": "إذا كان حاقِنًا كُرِهَتْ له الصَّلاة حتَّى يَقْضِيَ حاجتَه، سواءٌ خاف فواتَ الجماعة أو لَم يَخف".اهـ،، والله أعلم.