كيف يكون هناك ملائكة يعلمون الناس السحر
قالوا: إن الله أنزلهم ابتلاء للخلق ليختبرهم، وبالتالي هم مطيعون لله غير عاصين، هذا الذي قاله ابن جرير.
والفريق الآخر ممن قالوا هم ملائكة كابن كثير -رحمه الله، قالوا: لا، إن هؤلاء من الملائكة وما نزلوا استجابة لأمر الله ليفتتن من يفتتن، وإنما كان ذلك خروجاً عن طاعة الله ونكوصاً على الأعقاب، كما أن إبليس على القول الآخر بأنه من الملائكة، والصحيح أنه من الجن، على القول بأنه من الملائكة فكفر بالله وأبى السجود لآدم، فأذله الله ولعنه وطرده وأهبطه من الجنة، أو أخرجه من مجتمع الملائكة، فهؤلاء يقولون: إن هؤلاء الملائكة فُتنوا، ويذكرون روايات إسرائيلية كثيرة جدًّا لا يُبنى عليها حكم، هؤلاء هم الذين قالوا: إنهم ملائكة.
ومن أهل العلم من قال: إنهم ملائكة، والمعصية تتصور من الملائكة، ولكنها بتكلف، وإنما سجيتهم الطاعة، كما أن البشر يأتون الطاعة تكلفاً، فالملائكة عكس ذلك، وهذا قول قال به بعض الناس، ولكنه قول باطل.
وبعض العلماء قال: إن هؤلاء ملائكة ولكن الله أنزلهم ليفصل الأمر ويحصل الفرقان، أي فرقان؟
قالوا: انتشر السحر في ذلك الوقت انتشاراً كبيراً، وصار السحرة والكهنة يُلبسون على الناس ويقولون: هذا الذي يأتي به الأنبياء من خبر السماء نحن عندنا منه طرف، فيأتون لهم بالأمور الغيبية عن طريق استراق السمع، فجاء هؤلاء الملائكة وصاروا يعلمون الناس السحر ليعرف الناس الفرق بين السحر وبين الوحي، ولكن هذا القول فيه نظر، إذ إن الله قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، فهذه الأقوال الثلاثة كلها ترجع إلى شيء واحد، وهو أن هؤلاء من الملائكة.
القول الآخر: أن هذين الملكَيْن هما قبيلان من الجن كما جاء ذلك عن ابن عباس، وهنا لا إشكال الجن يقع منهم الكفر.