غرام ـ رواية كاملة بقلم ولاء رفعت
المحتويات
أهو مني أونسها بدل ما قاعدة لوحدها لحد ما جوزها يرجع من السفر و منها أخد بالي منها
و بسعادة عارمة عانق والدته
حبيبتي ياماه ربنا ما يحرمنا منك يا غالية
ربتت علي ظهره بقوة
و لا منكم أنت و أخواتك يا غالي يا ابن الغالي
وإذا اختفت النوايا في الصدور يكفي ما تبوح به العيون من ما يدور.
تخرج الطالبات من البوابة المفتوحة علي مصراعيها وبمجرد أن عبرت منها سمعت هاتفها يصدح بالرنين فما غيره الذي يتصل بها منذ الصباح وهي لا تجيب عليه
واقفة ليه يا بوسي يلا تعالي هنركب توكتوك
معلش يا سمر روحي أنتي أركبي معاهم أنا هاتمشي عشان هاشتري حاجات لماما
تمام خدي بالك من نفسك يلا سلام
اومأت الأخرى إليها وسارت بخطوات سريعة إلي احدى الشوارع الجانبية الشاغرة من المارة
و لم تنتبه إلي زوج من العيون الرمادية تراقبها.
عثمان
كان الڠضب يندلع من عينيه
أيوة الزفت اللي عمال يتصل عليكي من إمبارح و أنتي منفضاله و الصبح و أنتي رايحة المدرسة عمال أشاورلك تقابليني في الحتة بتاعتنا كبرتي
دماغك و روحتي مشيتي مع صاحبتك
كانت نبرتها توحي أنها علي وشك نوبة من البكاء زفر بضيق من حاله اقترب منها ووضع يده علي ذراعها
خلاص حقك عليا ما تزعليش أنا بس كنت قلقان عليكي
أوعي إيدك أنا زعلانة منك عشان مش أول مرة تقعد تزعق فيا ده غير بشوف في عينيك نظرات شك أن بكذب عليك
مين قال كدة أقسم بالله أبدا ده أنا ممكن أشك في الناس كلها إلا أنتي أنتي روحي يا بت
نظرت إلي أسفل بخجل فصاح مهللا
الله أكبر علي حلاوة مراتي يا ناس
مراتك
أيوة بعتبرك مراتي قدام ربنا ادعيلي بس أموري تتظبط و أجي أطلب إيدك من خالتي عزيزة
انقباضه في قلبها حدثت للتو فهو ليس الشخص الذي تتمناه كم تحلم بأن تتزوج من رجل خارج الحارة البائسة ذو مهنة تفتخر بها أمام عائلتها ومعارفها و ليس صبي ميكانيكي يحصل علي أجرة يومية تكفي مصاريفه الخاصة.
اتقنت إظهار ابتسامة علي شفتيها يتبعها قولها
بالعكس أنا فرحانة ومبسوطة جدا بس كل اللي طلباه منك تصبر شوية لحد ما أدخل الجامعة مش هاينفع أتجوز و في نفس الوقت أدرس هيبقي صعب عليا
ابتسم ليلقي عليها مخططه
عادي يا حبيبتي نتجوز وتدرسي وأنتي معايا
حقك عليا يا بوسي أنا والله...
كاد يقترب منها بندم فصاحت وتبتعد بمسافة
إياك تقرب مني المرة اللي فاتت وعدتني و برضو مفيش فايدة
تركته وغادرت مدخل البناء المهجور لتجد أمامها آخر ما تتمني أن تراه في تلك اللحظة نبضات قلبها وكأنها علي وشك أن تتوقف ولسانها يتفوه بصوت يكاد يكون مسموعا
مستر حسن
ولج من الباب الزجاجي و وجهه ينذر بما هو جاء من أجله قد قرر أن لا يصبح تحت ضغط تهديدات والده مرة أخرى بل مرات عديدة.
مستر يوسف
كان نداء احدى الموظفات تلحق بخطواته السريعة حتي وصل إلي المصعد توقف أمامها يرفع يده برفض
أي حاجة عايزة تبلغيني بيها أطلعي قوليها لمستر نور أو رأفت بيه
ولج إلي داخل المصعد وضغط علي زر الصعود فأنغلق الباب أتوماتيكيا أمام الفتاة التي عادت إلي غرفة المكتب بين زملائها و تخبرهم بما قاله لها يوسف الابن المدلل لدي عائلة الشريف.
و لدي رأفت الشريف يجلس خلف مكتبه يراجع بعض الأوراق وبجواره تنتظر مساعدته ريثما ينتهي من توقيعه علي كل ورقة منها
أعملي حسابك بكرة هنسافر نقضي يومين في الساحل
دنت منه وقامت بتقبيل خده
حبيبي يا فوفو ربنا يخليك ليا يا بيبي
حدق إليها بحزم يوبخها
اللي حصل دلوقت أخر مرة يحصل هنا في الشركة فاهمة
أومأت إليه و الحزن جلي علي وجهها أمسك يدها و كاد يخبرها معتذرا من أسلوبه الحاد معها لكن فتح الباب فجأة دون أن يسبقه طرق أو استئذان ليظهر يوسف الذي صوب بصره نحو يد والده التي تمسك بيد مساعدته و علي مقربة شديدة من بعضهما البعض.
حمحم والده تاركا يد مساعدته
خدي أنتي
الأوراق و روحي راجعيها
لملمت الأوراق وعينيها لا تبرح عينين يوسف الذي يرمقها بنظرة اربكتها عادت بالنظر إلي رأفت قائلة
حاضر يا فندم
و ذهبت أمام يوسف فكان يجز علي أسنانه فهو ليس أحمق حتي لا يدرك ماهية ما رآه هناك ما يفعله والده سرا.
مش عيب يا أستاذ يا محترم تدخل عليا من غير ما تخبط الباب و تستني لما أسمحلك تدخل و لا لاء!
عقد ساعديه أمام صدره و يتحدث من مركز قوة
معلش يا رأفت بيه لو كنت قطعت علي حضرتك قعدتك مع سوزي السكرتيرة
نهض والده يصيح پغضب
أنت إزاي بتتكلم معايا كدة يا ولد! أنت نسيت نفسك و لا إيه! أنا ممكن...
رفع يوسف يده ليقف والده
عن إكمال تهديده المعتاد
كفاية بقي كل ما نشد مع بعض تقعد تهددني بأنك هاتسحب مني العربية ورصيدي اللي في البنك أنا أصلا سيبتلك العربية في الفيلا و الكريدت كمان أنا جيتلك النهاردة عشان أقدملك إستقالتي
أخرج من جيب سترته الداخلي ورقة ووضعها فوق المكتب
أتفضل
هم بالذهاب أوقفه والده
استني عندك
سار نحوه وكان الآخر يتحاشى النظر مباشرة إلي والده الذي أخبره
أنا لو أب قاسې زي ما بتروح تقول لمامتك كان زماني رزعك قلمين علي وشك دلوقت وندهتلك الأمن يطردوك قدام الموظفين عشان ما يبقاش ليك عين تدخل الشركة تاني
أنا...
قاطعه والده بحدة
أنا لسه مخلصتش كلامي أنا هحاول أتغاضي عن أي حاجة صدرت منك و لا كأني سمعت و لأخر مرة مفيش بعدها مرة تانية هديلك يومين تفكر فيهم يا تعقل وترجع لمكانك في الشركة وتكمل نص دينك يمكن ربنا يهديك يا إما أقسم بالله لهتشوف مني وش ما شوفتوش قبل كدة مش هقولك إسطوانة كل مرة لكن هتتفاجىء باللي عمرك ما هتتخيله وأنت عارف أبوك كويس لما بېهدد مرة التانية بينفذ
لم يستطع أن يتحمل توبيخ والده أكثر من ذلك و حتي يضمن أن لا يتهور بحديث يجعله يخسر والده غادر غرفة المكتب وقفت سوزي عندما رأته فحدق إليها بازدراء وذهب.
اصطدم بشقيقه في طريقه
يوسف اس...
لم يقف يوسف إليه ومضي سريعا تعجب نور لأمر شقيقه ذهب إلي والده ليعلم منه ما حدث و قبل أن يفعل ذلك نظر إلي سوزي التي عندما رأته انخرطت في البكاء اقترب منها قلقا عليها
مالك يا سوزي فيه إيه بابا زعلك أو يوسف
قد قررت استغلال إعترافه بحبه إليها وجدتها فرصة لا تعوض فوالده غير مضمون و لا يعطي لها كل ما تريده من مال أو غيره من سيارة أو منزل يكفي أنها زوجته في السر و عرفي أيضا حتي لا يصبح لها حق في الإرث.
رفعت وجهها وأخذت تمسح بالمحرمة دموعها لتظهر أمام نور بالضعف لتمتلك قلبه أكثر
مستر يوسف كان لسه عند رأفت بيه و شكلهم كانوا بيتخانقوا و أول ما خرج من المكتب بص لي من فوق لتحت بقرف من غير ما أعمله أي حاجة
اقترب منها أكثر و أخرج من جيبه محرمة وأخذ يمسح لها دموعها
معلش بالتأكيد مكنش يقصد حقك عليا أنا ممكن عشان خاطري كفاية دموع
اقترب منها أكثر فأكثر حتي كادت تصبح بين ذراعيه يخبرها مردفا
ما أقدرش أستحمل دموعك قلبي بيوجعني لما شوفتك في الحالة دي
توقفت عن البكاء وداخلها يتراقص مثل الحية عندما تصل إلي هدفها نظرت إليه و بصوت أنثوي رقيق للغاية
مستر نور أنا موافقة علي طلبك
تراجع خطوة للوراء والدهشة تعلو ملامحه
قصدك موافقة تتجوزيني
هزت رأسها بالإيجاب وأخبرته بدهاء
اه بس علي شرط نعمل فترة تعارف زي الخطوبة نقرب منها انت تعرفني و أنا أعرفك
اتسع ثغره بابتسامة عارمة
شرطك أمر و أنا تحت أمرك يا روح و قلب نور
و فيه حاجة تانية كنت عايزة أعرفها
قولي يا حبيبتي
مراتك هاتعرف و لا أنت هتخبي عليها و جوازنا هيبقي في السر!
برغم ما يشعر به من توتر عندما أتت له بذكر زوجته وعواقب قراره الأهوج لكنه تحلي بالشجاعة والعزم أمامها
أيوة هاقولها بس بعد ما نتجوز و ما تقلقيش مش هتعمل أي حاجة بالنسبة بقي لبابا...
داهم الخۏف قلبها فقاطعته
لاء قصدي بلاش رأفت بيه يعرف بأي حاجة أقل حاجة هيعملها معايا هيطردني من الشركة
ابتسم مرة أخرى مما جعلها تتعجب من رد فعله
الغريب أوضح لها
ما أنا كدة كدة أول ما هنتجوز هاقعدك من الشركة و ما تقلقيش ليكي كل شهر مبلغ أضعاف مرتبك اللي بتاخديه هنا غير العربية غير الشقة أو الفيلا اللي هتشاوري عليها
كم هي نادمة أنها عجلت في الموافقة علي الزواج من هذا الرأفت وبيع نفسها له بثمن بخس و ها هو نجله كالمارد الذي يريد تحقيق كل أحلامها و هي من تملي شروطها أيضا و ليس هو كما فعل معها والده.
سرحتي في إيه يا سوزي
انتبهت إليه وعادت من أفكارها قائلة
بتخيل حياتي معاك هتبقي إزاي
أمسك يدها يخبرها
هتبقي جنة
صدح رنين هاتف المكتب ابتلعت ريقها وقالت
ده رأفت بيتصل
ردي عليه و أنا كدة كدة راجع علي مكتبي هاتصل عليكي بالليل
نكمل كلامنا
تمام
نظرت إليه مبتسمة و بعد أن ذهب تلاشت ابتسامتها وجلست علي الكرسي تفكر كيف تلعب علي كلا الجانبين دون خسائر بينما الضمير لديها في سبات بل في غيبوبة لن يستيقظ منها قط.
تجلس بجوار النافذة شاردة فيما يحدث من حولها خسړت عملها الذي تقتات منه ورقات من المال تساعد مع معاش والدها تتهم بالسړقة وهي لن تقبل قرشا من الحړام و ذلك كان ثمنا لأنها دافعت عن عرضها بكل ما أوتيت من قوة و هناك أكبر همومها وهو أمر شقيقتها التي أصبحت كالجارية يفعل زوجها ما يشاء بها ضړب إهانة و هي تتقبل كل ذلك بصدر رحب يكفي إنها تعيش علي ماله حرام يدخل البيت فيقلب حياتهما للچحيم فما العجب في ذلك! و آخر الهموم كلما ذهبت إلي كل متجر للعمل يعتذر إليها صاحب المتجر بأنه ليس لديه وظيفة شاغرة لديها فتعود خالية الوفاض.
بت يا غرام
كان صوت سماح الذي وقفت أسفل النافذة فأنتبهت إليها الأخرى بنفاذ صبر
نعم يا سماح عايزة إيه
مالك ياختي متزرزره عليا كدة ليه!
متابعة القراءة