غرام ـ رواية كاملة بقلم ولاء رفعت

موقع أيام نيوز


الفتيات المصرية البشرة القمحية والعيون ذات اللون البني ترتدي وشاحا يغطي خصلات شعرها ما بين الأسود والبني غالبا تعقصه علي هيئة كعكة محكمة بربطة شعر مطاطية جسدها ما بين الرفيع و الممتلئ و مع كل ذلك فهي أنثى بالنهاية و لو امتلكت جمالا وسطا فمازال يطمع فيها أمثال رجب فالمحرك لدي هؤلاء الضباع ما هي إلا الشهوة!

عندما ذهبت شقيقته ترك عصا النرجيلة من يده علي المنضدة ونهض فاقترب من غرام سمع صوت زفيرها الذي يخبره عن عدم تحملها لوجوده جوارها
مفيش صباح الخير يا رجب أو عامل إيه يا ريجو أي كلمة حلوة تطري علي القلب منك للغلبان اللي هو أنا يعني
ألتفت إليه و علي وجهها كل إمارات الڠضب
غلبان! قصدك تقول أنت تعبان و ياريت تبعد عن وشي عشان لما بشوفك اليوم بيقفل
اجفلها بصوته المزعج
جري إيه يا بت أنتي نسيتي نفسك و لا إيه! أومال لو كنتي حلوة ده كلك علي بعضك ما تسويش في سوق البنات قرش واحد
فعلا ما أساويش قرش لأن اللي زيي ما بيتقدروش بالفلوس إحنا غاليين أوي لكن أنت بقي في نفس السوق ده ما تساويش ربع جنيه
ظل يعيد كلماتها في رأسه حتي أدرك الإهانة التي وجهتها إليه أو ربما قصف جبهة جعل دمائه تكاد تفور من الغيظ صاح مرة أخري پغضب جم
نهار أبوكي أسو...
إياك تجيب سيرة أبويا الله يرحمه علي لسانك
إيه اللي بيحصل يا رجب
كان سؤال رشا التي تنزل علي الدرج وتحمل كيسا أسود كبير سبقته غرام قبل أن يخبر شقيقته بالافتراء
مفيش يا مدام المعلم رجب كان بيوصيني علي البضاعة
عاد إلي الكرسي و النرجيلة خاصته بينما كانت رشا اللاصق بالسکين
سيبك من أخويا و ركزي في الحاجة اللي هديهالك
أخرجت عدة قطع من الثياب كل قطعة مغلفة بغطاء بلاستيكي شفاف
10 قطع أهم و لو خلصوا و محتاجة تاني كلميني و أبعتلك رجب بالحاجة
قامت غرام بفتح حقيبة الظهر وأخذت
تضع القطع
حاضر يا مدام
وبعد أن أخذت البضاعة غادرت المتجر متجهة إلي محطة المترو حيث مكان البيع المناسب لها فهي
تعمل بائعة متجولة داخل القطارات في عربة السيدات وأحيانا خارج المحطة برغم ما تتعرض له من مضايقات من المارة وأيضا من رجال الأمن داخل المحطة.
و في الطريق أوقفها صوت صديقتها هند تخرج رأسها من المركبة ذات الثلاث إطارات
غرام يا غرام
ذهبت الأخرى إليها فتركت لها صديقتها براحا لتجلس بجوارها
أطلعي أركبي جمال يوصلك عند المحطة وأنا هاكمل معاه لحد المصنع
يا بنتي كملوا أنتم طريقكم عشان ما تتأخريش علي شغلك
أخبرها جمال و كان هو من يقود المركبة
أركبي يا غرام كدة كدة المترو في طريقي
صعدت إلي داخل المركبة وجلست ووضعت حقيبة الظهر علي فخذيها
إيه أخبار الشغل معاكي
سألتها هند فأجابت الأخري
الحمدلله أهي ماشية
ما تقلقيش أنا سمعت الحاج عبدالتواب صاحب المصنع بيقول إن فيه أتنين هيسيبوا الشغل آخر الشهر و كلمتوا عليكي و علي أحلام أختك
أحلام أختي!
رفعت زاوية فمها جانبا ساخرة وتابعت
أحلام شغلنتها الوحيدة جوزها
هو جه خدها و لا لسه ڠضبانة
هما يومين اللي قعدتهم و التالت خلتنا نايمين وخدت ابنها ومشيت هاموت وأعرف هو عاملها إيه مخليها ماشية وراه تقول آمين يضربها تغضب وبدل ما تاخد معاه موقف ترجعله ده لو كان ساحرلها مش هتعمل في نفسها كدة
ضحكت هند علي حديث صديقتها وعقبت
ده مش سحر ده الحب ياختي بس أختك هي اللي بتحبه لكن هو علي عمايله معاها ما بيحبهاش
و الله يا هند أنا و أمي وابتسام حتي الولاه سعيد أبو 13 سنة كلنا بنقولها كدة يعني أنا اسمع عن اللي يبيع كليته أو يبيع قرنية لكن دي اللي باعت كرمتها و ببلاش كمان
تدخل جمال والذي كان متابعا
معلش علي تدخلي في الحوار يا غرام أختك غلبانة ومالهاش أي خبرة في الناس وحظها إنه سمير ظهر في حياتها وأقدر يخليها تحبه وتتعلق بيه يعني عندك مثلا أنا و هند حبينا بعض وأتخطبنا ومحدش فينا يقدر يستغنا عن التاني صح يا دودو
نظرت إلي صورته في المرآة وأجابت بعشق تنضح به عينيها وتلفظ به شفتيها
صح يا عيون هند بس طبعا لو فكرت تزعلني أنا مش هغضب و لا هعيط أنا حقي هاخده بإيدي أنت ونصيبك
خليكي شاهدة يا غرام علي صاحبتك عشان لو في يوم لاقيتو چثتي في أكياس أعرفوا إنها اللي عملت فيا كدة
عقبت هند
بعد الشړ عليك يا حبيبي
ربنا يبارك لكم و يتملكم جوازكم علي خير يا جمال مفيش وجه مقارنة ما بينك و ما بين جوز أختي أنت ابن أصول لكن هو خليني ساكتة أحسن
ربنا يهديه ليها يا عالم يمكن يتغير
أتمني المهم أختي تكون بخير
وصلنا
توقف جمال أمام الدرج المؤدي إلي المحطة أخرجت غرام من حقيبة يدها ورقة نقدية
أتفضل يا جمال
نظر إليها بعتاب ولوم ثم قال لهند
شوفي صاحبتك يا هند
خلاص يا غرام جمال زي أخوكي و جارنا
عقب جمال
خدي فلوسك عشان ما أزعلش وأزعل صاحبتك
أخبرها بطريقة فكاهية فضحكت غرام
ربنا ما يجيب زعل أبدا أسيبكم أنا بقي سلام
ولجت إلي داخل المحطة وقامت بشراء تذكرة القطار و علي الرصيف فتحت الحقيبة وأخرجت قطعتين مختلفتين.
وصل القطار للتو و انفتحت أبوابه دخلت إلي عربة السيدات وبدأت تعرض للركاب البضاعة بمهارة تجعل الجميع يلتفت إليها و يبدأ الإقبال علي الثياب و عروض الأسعار تجعل البعض منهن يشتري علي الفور.
يقف يوسف في وسط بهو الاستقبال للشركة و يتجمع من حوله الموظفون يستمعون إلي تعليماته فبالرغم من كونه مدلل لكنه في العمل جاد و متقن للغاية
عايزكم تسمعوني كويس من يومين جاتلنا عينة من شغل شبه شغلنا بالظبط و عليه نفس التيكت بس طبعا مضړوب و متقلد و فرق خامات و جودة عملنا بحث عشان نوصل لمين صاحب المصنع اللي بيقلد شغلنا بس للأسف كل ما نسأل حد يدخلنا في متاهة و فاهمين طبعا إنهم مش هيقوله هو مين لأن كلهم بيستفادوا فأنا بقولكم اللي هيقدر يوصل لصاحب المصنع ليه مكافأة ست شهور
تصاعدت الهمسات بينهم فقال أحدهم
ما تقلقش يا مستر يوسف يومين و هايكون عندك اسمه وعنوانه
ردد آخر
أديني حضرتك يوم و ملفه هايكون علي مكتبك
عقب يوسف قائلا
أنا مش
عايز كلام وروني الفعل و زي ما وعدتكم بالمكافآه يلا كل واحد يروح علي مكتبه
تقدمت منه احداهن تحمل بعض الأوراق وقلم
مستر
يوسف ممكن حضرتك تمضي علي الأوراق دي
صدح رنين هاتفه ويزيل اسمه في أسفل كل ورقة أجاب والسماعة اللاسلكية في أذنه
ألو
هاي چو أنا ميري
أزيك يا ميري أخبارك إيه
طبعا مش بخير و أنت بقي لك شهر مش معبرني و لا بتخرج معايا و نسهر زي كل مرة
انتهي من التوقيع وأومأ إلي الموظفة لتأخذ الأوراق وتذهب ثم مضي نحو الدرج يصعد إلي الأعلى
معلش بقي أصل عندي شغل في الشركة فبضطر أصحي بدري و أنام بدري و زي ما أنتي فاهمة
صاحت بتعجب
شغل! Oh my God معقول چو الشريف بقي بيشتغل!
ابتسم وعقب بمرح كالعادة
شوفتي بقي ربك قادر علي كل شئ
ربنا يوفقك أنا كنت بكلمك عشان أعزمك علي ال party عيد ميلادي ال week end الجاي
هحاول إن شاء الله
تحاول إيه ده أنت لو ما جتش هاخد الشلة و نيجي نحتفل عندك في الشركة النهاردة أنت حر
ضحك قائلا
خلاص هاجي أطمني
هستناك أسيبك بقي عشان ما أعطلكش باي
باي
أنهي المكالمة و مازال في طريقه إلي غرفة مكتبه الخاص توقف أمام مكتب شقيقه فوجده مشغولا بالحاسوب طرق الباب لتنبيهه
ممكن أدخل
رفع عينيه عن الحاسوب وخلع عويناته تركها علي سطح المكتب وقال
أتفضل
جلس يوسف أمام مكتب شقيقه يخبره معتذرا
أنا آسف علي الكلام اللي طلع مني الصبح أنت عارف لما بتعصب ما بشوفش قدامي و بيخرج مني كلام أندم عليه
طب خلي بالك لأن غضبك ممكن يخسرك أقرب الناس ليك
نهض واقترب من شقيقه ثم دنا منه رأسه
و أدي راسك أبوسها لسه زعلان مني
ابتسم نور وأخبره
و أنا قبلت أسفك بس خد بالك أنت المسئول قدام بابا أنك تعرف مين اللي بيقلد شغلنا
اعتبره تسليم أهالي يعني! عموما لسه كنت عامل اجتماع لكل الموظفين تحت في الريسبشن و عامل مكافأة للي هيوصل للي بيقلدنا
ما أنت شاطر و ذكي في الشغل أهو أومال بقي لك شهر مدبسني في شغلك ليه
صاح يوسف متباهيا
لاء أنا أعجبك أوي بس لما تكون دماغي رايقة
رفع شقيقه يديه داعيا
ربنا يزيدك روقان كمان و كمان
أخذ الآخر يضحك و علي بعد أمتار حيث مكتب رأفت الشريف يقوم بالتوقيع علي عدة أوراق و تقف بجواره سوزي المساعدة الخاصة به ذات الشعر الأشقر البلاتيني و العدسات اللاصقة ذات اللون الفيروزي ترتدي كنزة وأسفلها تنورة كلاهما يكاد ېتمزق من فرط الضيق رائحة عطرها الفواح يضرب أنفه فعندما أنتهي من التوقيع رفع رأسه إليها وأخذ ينظر إلي ملامح وجهها المنير سألها في هدوء يخفي نيران مشټعلة من شوق يكاد يلتهمه
فكرتي في اللي قولتلك عليه
ظلت تنظر بمكر ودلال وأجابت
من غير ما أفكر طبعا موافقة المهم هاكون مراتك يا فوفو يا حبيبي
ابتلع لعابه فهذه صاحبة الجمال الصارخ اختطفت لبه منذ مجيئها هنا في الشركة لم يمر سوي خمسة عشر يوما علي عملها ونجحت في السيطرة عليه.
يبقي تجهزي نفسك بالليل هاجي أخدك و نطلع علي شقتنا و هناك هايكون مستنينا المحامي و اتنين شهود
تلي حديثه رنين الهاتف وكان المتصل زوجته
منيرة!!
الفصل الثاني 
بعد عناء يوم شاق ما بين القطار والمحطة انتهت من بيع جميع قطع الثياب التي لديها وكما تفعل مثل كل يوم تعود بالمال إلي السيدة رشا والتي تعطيها مبلغ من المال كل يوم.
قررت أن تذهب إلي شقيقتها وحملت لها ما تحب من الفاكهة والحلوى وقفت تنتظر سيارة أو مركبة ثلاثية الإطارات توقفت احداها وخرج السائق رأسه
مروحة علي بيتكم و لا رايحة مشوار
ولجت إلي داخل المركبة وأخبرته
رايحة الشارع اللي ورانا عند أختي
نظر إليها عبر المرآة الجانبية وسألها
و أحلام عاملة إيه كويسة
كانت نظرة عينيه تخبرها عن ماضي ملخصه حب قد دفنه منذ أن دخول سمير في حياة شقيقتها و تزوجها رغما من اعتراض الجميع لكن سؤاله الآن مجرد الإطمئنان و ربما الفضول لديه وهو كيف تعيش أحلام الآن مع غيره!
تنهدت غرام وقامت باختصار حال شقيقتها في جملة قصيرة
الحمدلله يا عاطف أهي عايشة
هو جوزها لسه بيمد إيده عليها
ليس هو فقط من يعلم بهذا بل الحارة جميعها لم يمر أسبوع أو بضعة أيام سوي يسمع الجيران صړاخ
أحلام وزوجها يقوم بضربها و ينعتها بصفات مشينة 
أدعيلها يا عاطف ربنا يهديلها جوزها يا يبعده عنها
توقف عاطف أمام
منزل سمير وكانت أحلام في الشرفة في الطابق الثاني
 

تم نسخ الرابط