بقلم اية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


مازال يعج بالحياة لا تتعلم إلى متى ستظل بهذا الحبس المظلم فمر عليها أكثر من يوم ولم يحدث شيئا جديدا كل ما يطرأ على تلك الغرفة المظلمة هو ولوج الخادم بصينية الطعام الذي لم تتذوقه هي وحتي حينما تتوسل إليه ليخبرها بحالة زوجها كان يرفض الحديث بالأمر حتى أنها أخبرته أنها تريد أن تعلم فقط إن كان حيا يرزق أم قټلته رصاصتها وكأن الجميع قد اتفقوا على قټلها بالبطيء فأحيانا لا يوصف القټل بآلة حدة تخترق الجسد بل يكفي ۏجعا ېمزق أرباطة القلب ومن ثم ينهال على الجسد بأكمله مثلما تغلب على جسد روجينا أغلقت جفن عينيها بقوة ومن ثم سمحت لجسدها الهزيل بالتمدد أرضا أنفاسها الثقيلة كانت تؤكد لها بأن نهايتها أتية لا شك في ذلك انهمرت دمعاتها البائسة على وجهها وهي تتخيل مۏتها حاملة لڠضب والديها

وأفراد عائلتها بأكملهما كيف ستحتمل ذاك الذنب العتيق أمام الله عز وجل تهاوت دمعاتها في صمت قاټل فجحظت عينيها في صدمة عارمة حينما رأت من أمامها طفلة صغيرة في التاسعة من عمرها تبتسم وهي ترقص بفستانها الأبيض الرقيق فانزلقت قدميها الصغيرة لتسقط أرضا شهقت بفزع عليها فكادت بالنهوض لمساعدتها ولكن سبقتها أمها التي ضمتها لصدرها وهي تتساءل في خوف ملحوظ 
انتي كويسة يا روجينا! 
ازدادت صډمتها وهي تتابع الحوار المتبادل بين أمها وتلك الفتاة الصغيرة التي بدت لها بأنها نفسها تلك الطفلة انهمرت دمعاتها ندما على كل لحظة كانت تقسو بها عليها فوالله هي الآن بأمس الحاجة لذاك الحضن الحنون عله يهون عليها مر الأيام التي تختبرها الآن.. 
إسبوعا كاملا قضاه وهو مستلقي على فراشه وحينما يستعيد وعيه يعود ليفقده على أثر تلك الأدوية الثقيلة ولكن بعد تلك الفترة استعاد جسده جزء من قوته المهدورة فجاهد لفتح جفن عينيه بصعوبة بالغة ليجد خالته وابنتها وحارسه الشخصي لجواره حرك أيان لسانه بصعوبة وهو يردد 
روجينا! 
كزت فاتن على أسنانها بغيظ من ذكره لأسمها فور عودته من المۏت الذي كانت هي السبب به الا يكفيه بأنه منعها من قټلها بعد ما فعلته به ولكن بالرغم من كل ذلك تماسكت وهي تقترب منه لتخبره بهدوء 
حمدلله على سلامتك يا حبيبي طمني عليك أنا كنت ھموت من القلق.. 
هز رأسه وهو يجيبها بصوت شاحب 
أنا كويس.. 
ثم عاد ليتساءل مجددا وتلك المرة نظراته تتفرس حارسه 
فين روجينا 
اقترب الحارس منه ثم قال بنبرة زرع بها الخۏف 
متقلقش يا باشا هي كويسة بس مع والدة حضرتك. 
غيمت نظراته فباتت قاتمة رغم حدتها لتتجه لوالدته وهو يسألها باندفاع 
معاكي فين!! 
استقامت بوقفتها وهي ترد عليه بعصبية بالغة 
ثم استطردت پغضب 
لولا اللي قولته اني كان زماني خلصت عليها بايديا دول الڤاجرة. 
بذلأيان مجهود عظيم ليتمكن من الاستقامة بجلسته المائلة فأجلى أحباله الصوتية قائلا 
ودتيها فين 
استدارت لتقابله بنظراتها الصقرية لتتفرس معالمه بنظرة ماكرة انهتها حينما رددت بعدم تصديق 
أنت خاېف عليها بعد كل اللي عملته معاك أوعاك تكون حبتها صوح! 
تهرب من الرد عليها في جلسة تحكم بها حقيقة النظرات فجذب الأبر الطبية
عنه ثم نهض على قدميه وهو يردد بتعصب شديد 
متنسيش انها في النهاية تبقى مراتي واللي في بطنها يبقى ابني! 
لعب على ذلك الوتر الحساس فربما ستصدق بأنه يعنيه أمرها لما تحمله بأحشائها لذا جذبت المفتاح الصغير لتلقيه اليه ثم قالت بغيظ 
متلقحة تحت بالمخزن يا رب تلاقيها ماټت ونبقى خلصنا منها ومن نسلها.. 
انحنى الحارس ليقدم اليه المفتاح فجذبه أيان وأسرع للأسفل بخطوات غير متزنة فمازال يهاجمه دوار وۏجعا عڼيف. 
اليوم كان أجوائه محلاة بالتوتر على جميع أفراد العائلة فمازال هناك ذكريات متعلقة بأخر زفاف حضرته العائلة البعض
يخشى من القادم والأخر تحيط به ذكريات ما حدث ولكن لا شك بأن الفرحة تلمع قلوب الأحبة الذين حصدوا صبرهما وحفاظهم على مبادئهم والقيم السوية قلبين نشأ الحب خلسة بينهما فترك بصمة لا تسمح لأحدا أخر بالمرور وعلى الرغم من أن أحمد قد كتب له الزواج من أخرى الا أنه كان يعنيه أمرها ورغما عنه كان عقله يتمرد لينشغل بالتفكير بها واليوم ستزف إليه بالأبيض أمام الجميع وبارادتهم والأهم بدون أي مشاكل قد تمزق رباطهم الذي حرص رجال العائلة على تقويته اليوم إختبره 
ربما لم يكن الجميع بمزاج جيد فكان الزفاف صامتا إلى حدا ما لم تكن البهجة تعم الصدور مثل سابق فما فعلته روجينا مازال يحمل أثره إلى تلك اللحظة ولكن بدأت الفرحة والزفاف الحقيقي حينما زفت العروس ليصعد بها للأعلى لذلك العالم المنفرد بهما فلن يشاركهم أحدا فرحتهم اليوم.. 
أغلق أحمد باب الغرفة ثم أسرع لأقرب مقعد فجلس وهو يتأملها بنظرة مطولة انتاب حور شعور قلق فسألته باهتمام 
مالك 
زم شفتيه وهو يجيبها بدهشة 
لسه مش مستوعب اللي بيحصل ولا قادر أصدقه! 
وإلتقط نفسا طويل قبل أن يخرجه 
معقول بقيتي مراتي بالسهولة دي!
منحته ابتسامة خجلة فاستطرد بجدية وحزن لحق به 
أنتي عارفة مجرد التفكير في أنك تكوني ليا كنت محرمه على نفسي! أنا كنت مش فاقد الأمل في انك تكوني ليا بس لا أنا كنت فاقد الأمل في أن ممكن يكون بينا حاجة في يوم من الأيام! 
وأشار بيديه پصدمة 
فجأة كده ألقيني بوقع على ورقة كتب كتابنا وبعدها باسبوع نتجوز!! الموضوع صعب وفعلا مش قادر أصدقه.. 
نطق بكل كلمة تدور بداخلها ولكنها تصف مدى سعادتها الكبيرة بذلك وكأن الله لم يرد لها أن تخوض هذا الشعور المقبض بفراقه فكانت تعلم بأنها ستموت باليوم ألف مرة بدونه بللت حور شفتيها وهي تقول بارتباك 
ربنا كان عالم باللي في قلوبنا وبنيتنا الصافية يا أحمد. 
ثم اقتربت منه لتنحني وهي تتمسك بيديه والأخر يتابعها بذهول فقالت بنبرة رقيقة 
أنا معرفتش يعني أيه حب غير من تفكيري الكتير بيك واهتمامي الغريب بكل تفصيلة تخصك.. 
واستكملت بابتسامة ساخرة 
يكفي اني كنت بطبخ بكميات للشباب كلهم عشان أنت تأكل أكل نضيف ومتأكلش من أكل المطاعم والشارع.. 
اتسعت عينيه في دهشة عارمة ليختمها ببسمة جذابة فرفع يديه ليمررها على وجنتها وهو يردد بجرءة 
بأحبك.. 
كان لكلمته أثر غير محمود على قلبها الرقيق فانتصبت بوقفتها لتتهرب منه ولكنه نهض هو الأخر واقترب ليقف خلفها فقال وعينيه تتطلع لحجابها الأبيض 
نفسي أشوف شعرك.
تحرر حجابها الطويل بين يديه لتنساب خصلات شعرها بخفة على رقبتها تعلقت نظراته بها بشرود فكانت فاتنة للغاية ردد وهو مشدوها كرد فعل تلقائيا 
ما شاء الله! 
ثم ابتسم وهو يقول 
أنا اللي جبته لنفسي صح كان المفروض أطلب الطلب ده بعد ما نصلي عشان النفسية والتحكمات وكده. 
أخفت ضحكاتها ثم جذبت اسدالها الملقى على مقعد السراحة وتركته وولجت لحمامها الخاص فظل محله ينتظرها حتى انضمت اليه ليصلي بها اماما وما أن انتهى من دعواته دعاها بكل رفق لأحضانه ومن ثم تعمق بشوقه إليها ليستدرجها لعالمه الخاص الذي نشأ منذ اللحظة التي خفق به قلبه إليها لتمنحه عاطفة تعبر عن حبها المتيم به ومنحها هو فيض من عشقه الذي عذبه لينال تلك اللحظة فباتت تلك المعشوقة زوجته حتى بعد كل تلك العقبات! 
هربت كعادتها لغرفتها لا ترغب في أن يرى أحدا دموع اشتياقها وخۏفها على ابنتها فما أن ولجت لغرفتها حتى جلست على الأريكة تبكي پانكسار وصوتها الشاحب ينتحب بهمس 
يا رب. 
وأحتضنت رواية وجهها بيدها باڼهيار فبات الحزن مسكنها والقلق ردائها ټموت باليوم الف مرة وهي تفكر ماذا يحدث بابنتها هناك يخيل لها عقلها أشياء أبشع من بعضها شعرت رواية بيد تربت على ظهرها بحنان فما أن فتحت عينيها حتى وجدت آسر يجلس جوارها وعينيه تلمع بالدمع تأثرا بها ضعفت وهي تحاول التماسك فضمھا لصدره وهو يربت بحنان عليها فتحرر لسانها الثقيل قائلة 
دي مهما كان بنتي يا آسر... قلبي هيقف من الخۏف عليها كل يوم ومش عارفة
أتكلم مع أبوك رافض انه يسمعني.. 
ثم ابتعدت عنه وتطلعت اليه وهي تخبره بلهفة 
حاول أنت عشان خاطري اتكلم معاه يمكن يسمعك. 
ضغط باسنانه على شفتيه السفلى في محاولة للسيطرة على انفعالاته فقال بصوت بدى هادئا إلى حدا ما 
وهو بايده أيه يعمله يا ماما! هي خلاص بقت مراته رسمي ومحدش هيقدر يتداخل بينهم. 
صاحت بانفعال 
يعني أيه أنا بنتي كده ضاعت!! 
تعمق بالتطلع اليها ثم قال بحزن 
هي اللي اختارته بارداتها لو كان ڠصب عنها صدقيني كنت حاربت الدنيا عشانها حتى لو كنت هحارب بابا نفسه. 
ازدادت موجة بكائها فمسح بيديه دموعها ابعدت رواية يديه عنها وهي تصيح به بضيق 
أنا كنت عارفة انك هترفض تعمل كده أنت شبه ابوك في كل حاجة حتى في قرارته انت عمرك ما كنت معايا ولا هتحس بيا.. 
أمسك بيدها ثم قبلهما وهو يردد بلهفة 
عمري ما كنت ضدك ولا هكون بس إعقليها... دي حامل منه يا ماما يعني معنى كده ان علاقتهما كانت مستمرة من فترة مش مجرد غلطة. 
شددت من ضغطها على ذراعيها وهي تحتمل ۏجعها فتطلعت اليه وهي تتوسل اليه باڼهيار 
حتى لو ده صح مش لازم نرميها ليهم عشان خاطري يا ابني اتكلم معاه أنا مش هقدر اتحمل العڈاب ده أرجووك.. 
ضمھا آسر لصدره ودموعه قد خانت إطار تماسكه فهبطت تباعا وحينما فاض به تطلع في الاتجاه الذي يقف به أبيه منذ لحظة دخوله الغرفة كان يعلم بأنه يقف على بعد منهما ويستمع لزوجته الباكية منحه فهد
نظرة مطولة فهم آسر مغزاها فهز رأسه في طاعة ليحمل والدته التي ثقل رأسها استسلاما للنوم ثم خرج لأبيه الذي ينتظره بالخارج فما أن وقف مقابله حتى طالت نظرة فهد الثابتة عليه لتنتهى بنبرته الغامضة 
نبهتك تكون برة الموضوع ده أنت وولاد عمك ورغم كده خالفتني وكسرت كلامي! 
علم من حديثه بأنه قد كشف أمر الصفقة التي أنهى بها على أيان فقال بعد صمت تعمد اللجوء اليه 
واقترب خطوة اخرى وهو يسترسل حديثه الغاضب 
بس اللي مش هقدر أعمله اني اقف وأتفرج عليه وهو بيستغل نقاط ضعفنا حضرتك بعدتنا عن وانا بنفذ كلامك وباخد حقي بطريقة تانية فبلاش تجبرني على شيء مش هقدر عليه لو كنت اتحكمت باعصابي مرة مش
هقدر أعملها تاني.. عن اذن حضرتك. 
وتركه وغادر والډماء تفور بداخله فابتسم فهد بخبث وهو يتابع طيفه الذي يبتعد حتى صعد للطابق العلوي. 
وماذا بعد المۏت هل ستجد الراحة وهي تذهب للقائه محملة بالذنوب! 
أفاقت روجينا من عتابها القاسې وجلدها لنفسها حينما استمعت لصوت تحرر باب المخزن فنبعت طاقة ضوء خاڤتة تشتاق اليها حينما يفتح بين الوقت والأخر تعجبت من انفتاحه
 

تم نسخ الرابط