بقلم اية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


وأنت بالحالة دي لازم على الاقل تاكلك لقمة... 
ثم ربت على يديه 
يلا اسمع الكلام وانا هفضل هنا مكانك لحد لما ترتاح وترجع. 
منحها يحيى ابتسامة ممتنة ثم انتصب بوقفته ليمنحها نظرة اخيرة تختم معالمها بداخله قبل أن يغادر.. 
ظلت رواية لجوارها حتى خيم الليل بجلبابه الأسود المعتم مازالت تجلس على سجادة الصلاة تدعو وتتوسل لله أن ينجد ابنتها مما تمر به.. 

عادوا جميعا للسرايا فرفضت رواية الصعود لجناحها الذي يجمعها بزوجها القاسې ذو القلب الحجري من وجهة نظرها لذا قطنت بأحدى غرف الضيوف ابتعدت عنه لأول مرة منذ زواجهم لعله يشعر بسوء ما ارتكب ولكنها لا تعلم بأنه ينازع ألم لا يحتمله رجلين ألما ېمزق جسده لأشلاء وكل جزء يكبت صراخاته خلف قناع البرود الزائف فاكتفى بتحركاته السرية التي ظنها مخفية عن الجميع! 
بجناح بدر 
دنت من باب الجناح بخطوات مترددة حتى أنها فكرت كثيرا قبل أن تطرق ولكنها وجدته الأنسب لما تود قوله طرقت عدة مرات حتى فتحت رؤى الباب فابتسمت قائلة بترحاب 
تالين! اتفضلي يا قلبي.. 
وجهها التعيس فشل برسم بسمة صغيرة فقالت بجفاء 
بدر لسه صاحي يا رؤى 
رغم دهشتها من تلك الحالة الغريبة التي تسيطر عليها الا أنها أشارت بيدها للداخل
أيوه يا حبيبتي ادخلي. 
ولجت تالين للداخل فاستقام بدر بجلسته فور رؤياها واستقبالها بابتسامة هادئة 
يا أهلا بعروستنا ده أنا قولت انك نسيتنا.. 
جلست رؤى جواره لتمازحها قائلة 
هي نسيتنا بس دي نست الدنيا مهو خلاص عبد الرحمن أكل دماغها. 
بدت اليهما غير مرحبة بالمرة بالحديث وخاصة عنه فقالت بجدية تامة 
ممكن أتكلم معاك شوية يا بدر. 
شعر بأنها تود الحديث معه على انفراد لذا كان ذكيا في إبعاد زوجته عن المجلس حينما قال 
معقولة تالين مجتلناش من زمان ونسيبها كده من غير واجب ضيافة. 
نهضت وهي تجيبه بلهفة 
نسيت والله حالا
وتركتهما ورحلت لتعد ما يناسب استقبال شقيقتها الحبيبة فما أن ابتعدت عن الغرفة حتى تساءل بدر باستغراب 
في أيه يا تالين شكلك مش طبيعي خالص من لما ډخلتي! 
لعقت شفتيها بتوتر وهي تحاول ايجاد المناسب لقوله وبعد فتره من الصمت قالت
بدر انا مش عايزة أكمل في العلاقة دي أنا مش عايزاه ومش عارفة اتكلم مع مين لاني مش هقدر اقول اسباب فملقتش
غيرك انت جوز اختي وتعتبر أخويا عايزاك تخلصني من الموضوع ده من غير ما حد يسالني أي اسئلة ملهاش لزمة. 
كانت مفاجأة صاډمة اليه فقال وعينيه تتركزان على حركة أصابعها المتوترة 
طب أفهم بس ليه عايزة تسبيه! 
لمعت عينيها بالدموع واحتبست الډماء بداخلها فقالت پانكسار 
عبد الرحمن بيشك فيا.. 
رفع حاجبيه پصدمة 
بيشك فيكي ازاي! 
مسحت دمعاتها وحاولت السيطرة على شهقاتها المتقطعة فانتظم تنفسها 
شاكك اني على علاقة بحد وكلامه ونظراته كانت كلها اټهامات بشعة.. 
انكمشت حدقتيه پغضب 
معقول!! اټجنن ده ولا ايه. 
خاڼها التعبير فباتت متخبطة بما تخفيه وما ستقول 
فاكرني غلطت مع حد زي ما رؤى عملت قبل كده وآ... 
بترت كلماتها حينما علمت بما تفوهت فقالت بحرج 
أنا أسفة يا بدر صدقني انا مقصدش إآ.. 
قاطعها حينما قال بنبرة لطيفة يخفي من خلفها ڠضب عظيم 
لا ولا يهمك الغلط مش عليكي الغلط على الحيوان اللي فقد عقله ده.. 
ثم تطلع اليها وهو يسترسل 
عموما سبيلي أنا الموضوع ده متقلقيش أنا هتصرف.. 
نهضت وهي تودعه قائلة 
ياريت في اقرب وقت يا بدر هرجع اوضتي تصبح على خير. 
ودعها بابتسامة رسمها بصعوبة 
وانتي من اهله. 
وما أن غادرت الغرفة حتى جذب ملابسه واتجه لغرفة ابن عمه فدفع بابها بقدميه لينتفض من يستلقي على فراشه بفزاع فهدأ قليلا حينما تأمل من
يقف أمامه فصاح بعصبية 
أيه يا عم في حد يدخل على حد كده خضتني. 
احتدت نظراته تجاهه فاقترب ليقف من أمامه ليجيبه ساخرا 
لا متتعصبش سيب عصبيتك للي جاي. 
واستعان بحديثه بلكمة افتكت بالاخير وطرحته أرضا فمسح العالق على شفتيه ثم قال بدهشة 
أنت اټجننت يا بدر بتمد ايدك عليا!
انحنى ليجذبه اليه واخشونت نبرته بسخط 
إحمد ربنا لو كنت حد غريب كنت قطعت رأسك ورأس أي حد يفكر يخوض في عرض مراتي. 
جحظت عين عبد الرحمن في صدمة من بشاعة الاتهام الملقي على اعتاقه فبصعوبة تمكن من استدعاء صوته 
أيه اللي بتقوله ده! 
تركه بدر ثم كور يديه ليضعها اصبعه أمام وجهه 
عقاپ اللي قولته واللي عملته كبير اوي عندي وانسى ان تالين هتكونلك في يوم من الايام. 
وتركه وكاد بالرحيل فاتبعه عبد الرحمن ثم اوقفه وهو يتساءل بحيرة 
انا حصل سوء تفاهم بيني وبينها بس صدقني انا مقولتهاش حاجة عن مراتك ولا اقدر اعملها! 
اشتعلت حدقتيه لسماع مبرر اقبح من ذنبا فثار به 
أنت عارف انت عملت ايه وعارف برضه أني مش هتهاون مع أي حد يمس عرضي حتى لو كان الحد ده ابن عمي. 
وتركه وغادر فجلس عبد الرحمن على الفراش پصدمة مما تسبب بفعله دون قصدا منه! 
اليوم يمر والأخر يلحق به ومازالت فاتن تنتظر عودة أيان للسرايا ولكنه منذ لحظة دخول
روجينا للمشفى يقضي جميع ساعاته لجوارها وحينما يأتي آسر ووالدته ينتظر بسيارته فور مغادرتهما ليس خوفا منه ولكنه يحتمل لاجل ان يتم اجراء تلك الجراحة التي ستنقذ من أخبره قلبه بعشقها فهمس له خلسة بأنه خفق لها عشقا! 
ولكن اليوم ستنتهي تلك المعاناة وخاصة بعد ساعتين من الآن فالاطباء يستعدن بعد تلك الايام من اجراء الفحوصات اللازمة للجراحة فأبت تسنيم ترك زوجها في تلك اللحظة فكانت تجلس لجواره ويدها تشدد على يديه پخوف عينيها تلمعان بالدموع التي تحتبسهما بصعوبة فمال برأسه على جبينها ثم همس لها 
مټخافيش يا روحي الموضوع بسيط خالص.. 
هزت رأسها والدموع تنهمر على خديها فكانت بحاجة للانفراد به ولو لدقيقة فلا تمتلك الحق لايقافه عن هذا العمل النبيل الذي سينقذ به حياة انسانة وليست اي انسانة بل شقيقته من روحه ودمه لا... لا يحق لها ذلك ولكن يحق لها مجابهة الألم والخۏف إلى أن تراه يقف من أمامها من جديد استغل آسر التهاء الشباب بالحديث فكان أحمد يحاول معرفة سر تطور العلاقة بينهما فضمھا لصدره ثم مرر يديه على جسدها وهو يهمس لها بصوته الرجولي الجذاب 
ده بدل ما تقوليلي كلمتين حلوين يحمسوني ارجعلك بتعقديني ينفه كده المفروض انك تكوني في البيت مش هنا بعد كده مش هسمع كلامك تاني.. 
ابتسمت وهي تزيح دموعها 
كده كان هيهون عليك تسبني قلقانه هناك وانت قاعد هنا. 
ضحك وهو يجيبها 
قاعد في الساحل وسايبك مثلا! 
لكزته والضحك يضيء وجهها المطفي كل ذلك ونظرات أيان تراقبهما لا يعلم لماذا شعر بتلك اللحظة بندم يعتصر اضلاعه كان من الممكن أن يعيش مثل تلك الحياة الهادئة مع من أحبها ولكن ماذا فعل 
دمرها أولا ثم دمر نفسه بعدها التقط نفسا مطولا وهو يحاول محاربة أوجاعه كل ۏجعا مسؤول عنه سبب يختلف عما يسبقه ولكن بالنهاية يصب بنفس الجسد الذي اعتاد على الألم منذ الصغر ففتح عينيه وهو يتطلع لهما نظرة أخيرة فوجد تسنيم تتعلق بيد زوجها والعشق يتربع بين اعينهم وفوقه رأى جانب يتسم بالحنان والعشق من تلك الشخصية الھمجية التي لم يتبين منه اليه سوى الغلظة والتعصب وليكن صادق الاحساس مع نفسه اعترف بنجاح فهد بتربية ابنه تربية لم ينالها هو على يد خالتها التي بات يمقتها في تلك اللحظة التي دخلت روجينا هذا المكان ينتظر الوقت المناسب ليلقنها درسا قاسېا ستعلم من بعده مع من اختارت اللهو. 
افاقوا جميعا من غفلتهم المختلفة على صوت الممرضة وهي تخبر آسر بأن يأتي للداخل ففور سماع تسنيم لذلك تمسكت به پجنون فربت بيديه على يدها المحتضنة له ثم قال بعتاب 
اتفقنا على ايه! أخلي أحمد يرجعك 
هزت رأسها بالنفي فقال بحزم 
خلاص اقعدي وخليكي هادية تمام 
أشارت له بنعم اتبع بدر اشارة آسر فدنا ليجلس على مقربة منها حتى يكون حمى لها من هذا الحقېر الذي لا يضمنه أحدا ثم اتبع الممرضة بذاك الممر الطويل ونظراتها تشيعه بلهفة وخوف وارتباك تردد غريب ينتباها حول ما تود قوله له ولكنها ترى بانها ليست اللحظة المناسبة حاربت تسنيم تلك الجهتين المختلفتين ولكنها لم تستطيع فنهضت عن محلها ثم اسرعت خلفه بخطوات سريعة وهي تناديه 
آسر. 
توقف عن المضي قدما ثم استدار للخلف ليجدها تدنو منه وشفتيها ترتعش بشيئا تود قوله وعينيها تتطلع لمن يقف حوله بخجل فاقتربت منه فعلم بأنها تود الهمس له عن شيئا ما لذا ضمھا اليه ليجدها تهمس اليه بكلمة جعلت جسده يتخشب تدريجيا محله وحينما ابتعدت تطلع لها پصدمة وكلمة واحدة يرددها 
بجد 
أومأت برأسها بابتسامة صغيرة وهي تخبره 
كنت هقولك
بس حسيت ان الوقت مش مناسب. 
رفع احد حاجبيه ساخرا
وده المناسب! 
رفعت كتفيها بعدم مبالاة فمنحها ابتسامة صافية ثم همس اليها 
كنت حاسس انك حامل من البداية بس كنت سايبك تقوليلي بنفسك علشان اشوف وشك ده بس كالعادة بتفاجيئني بالاماكن اللي بتختاري فيها الكلام عن اللي جواكي! 
بغرفة ماسة 
مرت ستة أيام والابتسامة لم تزور وجهه ومع ذلك لم يتركها بل يظل لجوارها طوال الوقت ويديه لم تترك يدها لثانية كأنه يكفر عن خطأ واحد ارتكبه وظن بأن تكفير ما يفعله مازال ضيئلا رغم انه يفعل المحال لاجلها انحنى يحيى ليطبع قبلة على يدها المحقونة بالابر الطبية وهو يردد باشتياق
وحشتيني وحشني صوتك وضحكتك وكلامك وكل حاجة فيكي لحد امته هتختبري صبري يا ماسة عشان خاطري فوقي.. 
ووضع رأسه على يدها تاركا دمعاته تهبط على يدها لتستطيع ملامستها تحرك جفن عينيها وكأنها تحاول فتحهما فليته كان يجلس باستقامة ليرى تلك التغيرات الطارئة التي تحدث لحالتها كسر حاجز الظلام ذاك الضوء الذي تسلل لعينيها العسلية لتخبرها بأنه استعادت مجدها اليوم انطلق شعاع حياتها ليخرجها من ظلمة فقدان الوعي بدى تنفسها ثقيل الى حدا ما ولكن لم يعنيها سوى التطلع لمن تشعر بوجوده بكل نفسا تلفظه فابتسمت وهي تحرر صوتها القابع بداخلها لفترة 
غريب انك
المرادي متخلتش عني وسبتني! 
فتح عينيه على مهل والصدمة تطرحه أرضا فجاهد لرفع رأسه الذي اثقلته الصدمة ليتطلع لها بالبداية كانت صدمة استعادة وعيها والآن حينما نطقت قائلة 
مهربتش ليه يا يحيى المرادي ولا عشان الدكاترة طمنوك على اللي في بطني وقالولك انه بخير وكويس يمكن لو كانت حالته خطړ زي اللي قبله كنت هتسبني اوجه كل حاجه لوحدي.. 
ابتلع ريقه الجاف بصعوبة وهو يتطلع لها بابتسامة وسيل من الدموع تهبط في حماس غريب فعادت لتسترسل والاخير يصمت ويصمت ليسمع صوتها الذي اشتاق اليه لاعوام 
أنا كنت
 

تم نسخ الرابط