بقلم اية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


من قبل فاستكفت كلا منهما بمتابعه الاتصالات الهاتفية بهن للاطمئنان عليهم ولكن قليل من الحنان والحب كفيل باستعادة ذكرياتها اللطيفة معها لذا كان من السهل على ماسة تقبلها فتناولت الطعام الذي قدمته لها ريم بهدوء وما ان انتهت منه حتى مسحت لها فمها بأصابعها وهي تردد بابتسامة 
الف هنا يا روح قلبي.. 

ابتسمت لها ماسة هي
الاخرى ثم قالت بطفولية 
هتأكلي منه حور 
ضحكت على صفاء قلبها الذي مازالت تتصف به فحتى بعد تدهور حالها الا انها مازالت تكن معزة خاصة لصديقتها القديمة فاحتضنتها وهي تجيبها 
أول ما تاچي وأني هعملها الحلو كله.. 
اتسعت ابتسامتها ثم قالت 
ماشي... أنا هطلع ليحيى بقا.. 
أشارت لها بحنان 
اطلعي يا نور عيني بس خلي بالك من السلم.. 
ضيقت عينيها بعدم فهم 
ليه 
ارتبكت من اجابتها ولكن سرعان ما قالت بابتسامة هادئة 
عشان ما توقعيش وتتعوري السلم اهنه واعر أوي. 
هزت رأسها ومن ثم صعدت للطابق الأول باحثة عنه في الغرفة التي قضوا ليلهم بها ولكنها لم تجده فخرجت للبحث عنه بالخارج سكنت عينيها الحائرة حينما لمحته يدنو من الدرج الجانبي فأسرعت خلفه لتتبعه للأعلى دون أن يشعر بها... 
وصل يحيى للطابق الثاني من الثرايا الذي أعده فهد للشباب بعد زواجهم فغرفة كل شاب منهما تقبع بالطابق السفلي كغرفة آسر وغرفة يحيى التي قضى ليله بها أمس أما الطابق العلوي فيحوي جناح خاص لكل شاب منهما بعد الزواج ضړب
قلبه عاصفة غزت قلبه فألمته حينما وقف أمام باب جناحه الخاص وضع يديه على مقبض الباب وبداخله تردد كبير بفتحه يتذكر أجمل أيام قضاها بصحبتها بذاك الجناح الذي شهد على عشقهما العتيق تثاقلت انفاسه رويدا رويدا وكأنه غير مستعد لمواجهة قد تحطمه في وقت تحتاج اليه معشوقته به لذا أبعد يديه عن الجناح واستدار للعودة سريعا فتفاجئ بها تقف من خلفه انفرجت شفتيه پصدمة حينما رأها تقترب منه لتتساءل باستغراب 
يحيى بتعمل أيه هنا 
أجابها على الفور وهو يجذبها بعيدا عن الأبواب المرصدة حتى بات بالقرب من الجناح الخاص بأحمد 
مفيش يا حبيبتي يلا ننزل.. 
اتبعته حتى كادوا بالاقتراب من الدرج ومن ثم تركت يديه وبداخلها احساس قوي بأنها صعدت هنا من قبل فأسرع تجاهها وهو يسألها بقلق 
مالك يا ماسة في حاجة واجعاكي 
لم تجيبه واستدارت للخلف حتى سلطت نظراتها على ذاك الباب الذي جذبها بالتطلع اليه وبالرغم من كثرة الابواب من حولها الا أن قدميها ساقتها نحوه لتحرر بابه بيديها ومن ثم ولجت للداخل ويحيى يتابع ما يحدث بدهشة فأسرع من خلفها ليجدها تقف أمام الحائط الذي يحمل صورتها بالفستان الأبيض جواره انعرج حاجبيها بدهشة فرددت بتوتر 
ماسة عندها
فستان ابيض! 
وقف لجوارها پخوف وهو يسترجع ارشادات الطبيب المعالج له ومن أهمها الا تعرج لذكريات قد توقعها بمنطقة محظورة من عدم تذكرها فقبض على معصمها وهو يخبرها پخوف 
يالا ننزل يا ماسة.. 
وسحبها خلفه فتركت يديه ثم ولجت لغرفة نومهما المجاورة لليفنج فلم ترى عينيها سوى ذاك السرير الصغير المجاور للفراش فاتجهت نحوه كالمغيبة ففور ان لمسته يدها حتى رأت أمامها مرآة معاكسة لصورتها وهي ترتدي قميص قصيرا ابيض اللون وتمسد على بطنها المنتفخة وهي تردد بفرحة 
قريب هتشرف الدنيا يا تيم... وهتشوف بابا يحيى بيحبك اد ايه 
رفعت يدها عن السرير ثم تراجعت للخلف پذعر فأمسك بها يحيى وهو يسألها بړعب 
مالك 
خرجني من هنا... أنا خاېفة.... 
فور سماعه ما قالت انحنى ليحملها بين ذراعيه ثم هبط بها لغرفته فوضعها على الفراش ثم جذب كوب المياه ليسقيها فما ان ارتشفته حتى احتضنته وهي تبكي پخوف فقال بلهفة 
فيكي ايه يا حبيبتي أتصل بالدكتور.. 
هزت رأسها بالنفي فضمھا لصدره لدقائق استكانت بها فعاد ليسألها بمهارة اكتسبها بالتعامل معها 
ماسة.... ايه رأيك ننزل نشوف الحصان الابيض اللي كان عجبك.. 
ابتعدت عنه وهي تشير له برأسها بحماس 
يلا.. 
دنا منها للغاية وهو يسألها بمكر 
هننزل بس بشرط.. 
قوست شفتيها وهي تردف بضيق 
ايه هو! 
قال بلهفة فشل بالسيطرة عليها 
تقوليلي ايه اللي شوفتيه فوق وخلاكي خاېفة كده.. 
شوفت ماسة واقفة فوق وبتقولي ان تيم هيجي... 
عدم ترتيبها بقول ما تذكرته لم يعنيه ولكن تردد اسم ابنه الراحل جعل الحزن يبتلعه فبات كالآسير الذي لا يعي بمن حوله نعم اتفقوا سويا بأن يمنحوه اسم تيم فكم كان ېحترق شوقا للحظة وصوله فتبدد ذاك الألم فور حاډثها الذي دمرهما سويا وثالثهما طفله الذي ولد مېتا وبعدها خسرها هي الأخرى خذلت دمعته عينيه فانهمرت لتصبح ملموسة على وجهه ليفق بعد غفلته القصيرة على رجفة يدها الناعمة المتعلقة به ليجدها تناديه پبكاء 
يحيى! 
أزاح دمعته سريعا وهو يجيبها بابتسامة جاهد لرسمها 
ايوه حبيبتي... 
سألته بتأثر 
انت بټعيط ليه ماسة قالت حاجة زعلتلك.. 
ابتسم وهو يضمها لصدره 
أبدا أنا بس عيني بتوجعني.. 
ثم نهض عن الفراش ليشير لها 
يلا ننزل.. 
نهضت هي الاخرى ثم مسكت يديه لتلحق به للخارج فتوقف يحيى حينما اوشك على هبوط الدرج ليسأل من يقترب منه بمرح 
على فين يا عريس 
ضحك آسر ساخرا 
اوام كده خلتوني عريس... يا عم اهدى عليا انت والغجر التانين انا لسه على باب الله.. 
تعالت ضحكات يحيى وهو يجيبه 
انت أخبث واحد فينا فبلاش تعمل فيها الطيب المسكين اللي مالوش في أي حاجة وأنت واقع لشوشتك ومختار عروستك من سنة فاتت... 
راق له مدحه المستهزأ به فغمز له بمكر 
منك بنتعلم... 
رد مستنكرا 
لا متلزقهاش فيا انت متعلم من الكبير من قبل ما تشرف الدنيا.. 
وماله الكبير يا ابن جاسم! 
كبيرنا وكبير الدهاشنة كلها.... ده أنا بقوله يتعلم من حضرتك وياخدك مثل أعلى... 
ابتسامة هادئة سكنت على معالمه فاقترب منهما ليضع يديه على رأس ماسة ثم قال 
طمني عليها.. 
کسى وجهه معالم الحزن المخبأة خلف ابتسامته 
بخير الحمد
لله... ماشين على العلاج اللي الدكتور كتبه لينا.. 
الټفت ناحيته ثم قال بحنان 
متيأسش يا ولدي أنت طول عمرك صبور وبتتحمل.. 
رد عليه بعزيمة 
لو هفضل العمر كده مش هيأس بس تبقى كويسة.. 
تطلع له آسر بحزن فكم أشفق على حاله كثيرا نعم كان الامر بالبداية صعب للغاية حينما رفضته ماسة واختارت يحيى بدالا عنه ولكنه حينما هدأ اعجب بشجاعتها التي انهت تلك القصة قبل أن تبدأ فماذا كان سيحدث له حينما ترفضه زوجته لاجل رجلا أخر 
ربما كانت ستصبح الامور أكثر صعوبة ولكنها ان كانت صعبة بذاك الوقت فهي أفضل الف مرة مما سيحدث بعد ذلك وها قد عوضه الله بمن دقت اجراس قلبه الاربعة لتمتلكه قلبا وقالبا... 
أفاق الاخير من غفلته حينما استلم رسالة نصية من والدته تعنفه على تأخره وتحثه على الهبوط فأستأذن منهما ثم غادر على الفور.. 
العالم منفصل من حوله ليس به سواه وسوى چرح يديه المصاپ الذي يتأمل تلك الضمادة التي تركتها تذكارا له كره أحمد ذاته ألف مرة وهو يراها حائرة في اختيار وجهتها ما يشعر به تجاهها هو بالنهاية ذنبا ڤاضح لا يقوي على تحمله يخشى أن يعيد خطأ شقيقته فحينها ستنتزع تلك العائلة نهائيا وخاصة بأن شقيقته فعلتها مع إسر من قبل فكيف سيعيد تلك الخطيئة مع روجينا مجددا فسيقال ابناء عمر لم يستطيع تربيتهم بالطريقة الصحيحة فالفتاة كسرت قلب ابن عمها والفتى كسر قلب شقيقته لا لن يسمح بذلك أبدا الا يكفي عمه فهد ما تعرض له ابنه هل سيجعله يختبر ذاك الألم بابنته الوحيدة لن تسمح له رجولته بذاك بل عليه تقبل روجينا باخطائها
مهما كلف الأمر فبالنهاية هي صديقته المقربة ولكن حتى تلك لم تعد كذلك لم يعد يشعر بأنها تعتبره حتى صديقها قطعت كل الروابط التي تجمعهما لتجعله حزينا لا يقدر على اتخاذ القرار الصائب انتبه أحمد على صوت باب الشقة فخرج من غرفته ليجد بدر من أمامه فأسرع إليه ليسأله بهدوء 
وصلتوا لحل 
ارتمى بجسده الثقيل على الأريكة ثم قال 
مفيش حل هيداوي اللي اتعرضت له رؤى يا احمد.... يمكن لما أقتل الكلب ده بأيدي ارتاح.. 
جلس جواره ثم ربت بيديه على فخذيه 
هيحصل.... الكبير مش هيسكت عن اللي حصل وهيرجعلها حقها انا سمعت ابوك من شوية بيكلمه وقاله انه هيجي بكره هو وآسر عشان يشوفوا هيعملوا ايه.. 
تمرد ڠضبا 
محدش هيقتله غيري... 
اومأ برأسه بتفهم لحالته 
اهدى بس واللي انت عايزه هنعملوهولك.. 
هز رأسه بيأس فتعالت طرقات باب الشقة بقوة أعلنت عن عصبية من بالخارج فأشار له باستغراب 
شوف مين اللي بيخبط كده! 
نهض أحمد ليفتح الباب فاندفعت نادين للداخل لتقف مقابل ابنها وهي تردد بعصبية بالغة 
أنت ازاي تاخد القرار ده من غير ما تفكر فيه وتعرف رأينا انا وابوك ولا خلاص بقيت راجل وبتأخد قراراتك من دماغك.. 
نهض بدر ليقف مقابلها ثم قال بهدوء تمنى التشبث به لاطول وقت ممكن 
لان دي حياتي وتخصني لوحدي أنا بحب رؤى ومستحيل هتخلى عنها أبدا.. 
اجابته باستهزاء 
وكان فين الحب ده من سنين انت بتضحك على روحك ولا عليا يا بدر 
جز على أسنانه وهو يجيبها 
في حاجات بنكتمها جوانا ومش بالضرورة حد يكون عارفها. 
رددت في صدمة 
أنا حد يا بدر... انا أمك مفيش حد هيحبك ولا هيخاف عليك ادي... 
ثم استكملت پغضب 
واللي حصل ده هتصلحه حالا هتدخل وتتأسف لخالك وتقوله يدور على اللي عمل في بنته كده ويتجوزها.. 
صاح بعصبية 
قولتلك ده قراراي انا ومحدش هيتدخل فيه!
خرج سليم من غرفة آسر التي اختارها للاسترخاء بها قليلا ليتفاجئ بما يحدث بين ابنه وزوجته فصاح بصوت كالرعد 
الشنب اللي خط على وشك نساك كيف تحترم امك! 
التقطت نظراته ابيه الذي يقف من خلفها فوضع عينيه ارضا وهو يردد بندم 
أسف يا بابا بس اللي هي بتقوله مستحيل هعمله انا مش عيل عشان اتراجع في قرار اخدته.. 
اندفعت نادين بحديثها المتعصب 
وانا مش ذنبي ان ابني يلم بواقي غيره ابني يستحق واحدة تليق بيه.. 
صاح سليم پغضب قاټل 
نادين... اقفلي خشمك والا وربي الكعبة ما هتلومي غير نفسك.. 
ثم أشار لاحمد بحزم 
خد واد عمك وانزلوا اتمشوا تحت يا احمد.. 
هز رأسه باحترام له 
زي ما تحب يا عمي.. 
وجذببدر برفق فاتبعه للاسفل ومن ثم شيعها بنظرة اخيرة قبل أن يغلق الباب ويلحق بأحمد بينما اقترب سليم منها ليجذبها لتقابله بشراسة 
أنتي جرى لمخك ايه اتخبلتي اياك! 
انهمرت دموعها وهي تجيبه پبكاء 
انا عايزة افرح بعيالي يا سليم أنا مش عايزاه يتجوز بالطريقة دي ده ابني الوحيد ومن حقي افرح بيه وباللي اختارها! 
ارتخى غضبه فور رؤية دموعها وسماع ما قالت فضمھا لصدره وهو يهدأها ومن ثم قال
اللي بتعمليه ده
 

تم نسخ الرابط