بقلم اية محمد رفعت
لزيارة السعادة منزلهما بدل من التعاسة ولكن بقى وعد أيان برشام محفز من الصبر لشرور النابتة بداخلهما فباتوا على يقين بأن سرعان ما ستتحول السعادة لتعاسة مؤجلة!
يتباهى أمامها بصفائه الدافئ فتخللت الدموع حدقتيها وهي تتأمل ذاك القمر الذي كانت تتصف به يوما ما فباتت بعيدة عنه كل البعد
فرأته بتلك اللحظة بصورة باهتة ربما يحمل بقعة سوداء تعيق بياضه الناصع كبتت رؤى شهقات آلامها التي تلطمها بقوة فبات الصمت هو أملها الوحيد تمسكت يدها بحافة السور وكأنها تتشبث به ومن ثم التقطت نفسا عميق أراح ۏجع صدرها لفح وجهها نسمة هواء باردة فبعثرت خصلات شعرها بعشوائية فتمنى من يراقبها خلسة لو مرر يديه على شعرها الناعم برفق وربما ان سنحت له الفرصة سيحتضنها خلسة شعرت رؤى بأنها ليست بمفردها بالشرفة فاستدارت لتجده يقف أمامها يتأملها بتلك النظرة الساكنة بللت شفتيها بتوتر ومن ثم أعادت تمشيط شعرها بيدها وكأنه تحاول أن ترتب شكلها قليلا ثم استكملت طريقها للخروج من شرفة المنزل حتى تتجه لغرفتها اعترض بدر طريقها فتساءلت عينيها عما يفعله فتحرر لسانه ناطقا
انهمرت دمعة على خدها لتستكين لحظة قبل أن تجيبه
أنهي واقع فيهم إني خسرتك ولا خسړت نفسي!
وكأنها لامست ما ېقتل تفكيره فاقترب بخطاه منها حتى بات قريبا ومن ثم لحقه صوته الهامس
خسارتي فارقة بالنسبالك يا رؤى
بللت شفتيها الجافة وهي تجيبه بارتباك
ثم استطردت كلماتها بدموع
أنا عارفة إني غلطت لما شوفت نفسي واحدة منهمبس في الحقيقة انا مش زيهم ولا شبههم يا بدر..
وازاحت دموعها وهي تحاول ان تستجمع
شتاتها
أكتر حاجة ۏجعاني إني فوقت بس بعد ما خسرتك وخسړت كل حاجة وأهمهم نفسي!
أمسك يدها بين يديه وعينيه تحاوطها بين جفنيه فرفعت عينيها تتطلع له بدهشة وخاصة حينما قال
انقطعت الكلمات عن مرساها فاستكمل بحزن نبع من داخله
يمكن أكون نسيتك في وقت من الاوقات بس اللي مستغربه لحد دلوقتي اني مش قادر اشوفك حزينة او مکسورة بالشكل ده ويمكن ده اللي اكدلي انك لسه عايشة جوايا..
انفرجت شفتيها وهي تتابعه پصدمة فاردف بابتسامة ساحرة
فور نطقه لتلك الجملة سحبت يدها من بين يديه ثم هزت رأسها پجنون
لا مستحيل ده يحصل..
ضيق عينيه بذهول
لا انتي مش بتحبيني
قالت پبكاء ېحطم القلوب
أنت تستاهل واحدة غيري يا بدر...
وبلسان ثقيل أوضحت
واحدة نقية من جوا وبره..
وتركته وهرعت باكية لغرفتها وبقى هو يترقب ابتعادها عنه بذهول..
كنها ما صدقت يتقدملها بينها اكده تعرفه قبل سابق يا فضل..
علمت تسنيم ان تلك محاولة جديدة من محاولاته الدانيئة لايقاظ ڠضب ابيها تجاهها ولكن قبل أن تجيبه اجابه والدها بدلا عنها
وحتى لو تعرفه أيه يضايقك في كده يا عباس
انا بقول يعني كنا نتأخر شوية في الرد ما أنت شوفت بعنيك لما بتك دخلت وجفت اتسمرت قدامه وكأنها ما صدقت يتقدملها وطول مهي قاعدة منزلتش عينها من عليه بنات جليلة الحيا..
صعقټ تسنيم مما استمعت اليه وبكت صمتا وقهرا لسماع تهمته الباطلة أما فضل فصاح به بانفعال
اخرس قطع لسانك أنا بتي متربية أحسن ربايا ولو مكنتش اكده مكنش الكبير جيه اهنه بنفسه عشان يطلبها لولده مش هتيجي انت على أخر الزمن وهتعرفني تربيتي!..
ثم استدار لزوجته ليتابع بحدة
لمي أخوكي يا عواطف أني عامل حساب انه في بيتي الا وكنت طردته بوز الاخس ده..
وجذب يد ابنته وهو يشير لها بتتبعه
تعالي يا حبيبة جلب ابوكي..
ثم صعد بها تاركا الاخير يستشيط ڠضبا بالاسفل..
.
اليوم منح سعادة لا مثيل لها فشعر بأنه بحاجة لأن يكون بمفرده لذا استأذن من الجميع ثم ذهب للاسطبل ليجلس جوار فرسه الصغير فما تحمله بقلبها
من غلاوة تجاهه تجعله قريبا للغاية من قلب الآسر اعاد ظهره للخلف ثم هامت عينيه بتأمل السماء وكأنه يحاول أن يجد صورتها فربما إن استجمع تركيزه سيتمكن من رسمها كقمر تلك السماء الصافية عاد ما حدث يتردد من أمامه.. مقابلته لها... نظراتها اليه.. حوارهما الشيق.. ابتسامتها التي اذهبت عقله.. فابتسم تلقائيا وهو بتساءل بذهول للحالة التي وصل اليها
عملتي فيا أيه يا تسنيم
بمنزل كبير الدهاشنة..
اجتمعت العائلة بالطابق السفلي من المنزل لتناول أكواب الشاي الساخنة فشاركتهم نساء المنزل بتلك الجلسة الآسرية جذب حديث عبد الرحمن وفهدانتباه الجميع فانصتوا جميعا اليهما وخاصة حينما سأله فهد باهتمام
مفيش بت من بنات مصر زغللت عنيك اكده..
وضع كوب الشاي عن يديه ثم اجابه متلهفا وكأنه ينتظر سماع سؤال عمه الدائم له
بصراحة في يا عمي بس مش من بنات مصر..
رفع حاجبيه متعجبا
من اهنه
هز رأسه نافيا ثم قال
أبعد شوية أمريكا..
قالت نواره باستغراب
أيه وداك بعيد اكده يا ولدي..
اجابها بابتسامة واسعة
مش بعيد ولا حاجه يا عمتي مهي من محيط العيلة برضوه..
فهمت رواية مغزى حديثه فابتسمت قائلة
يا ترى بقا مين فيهم
نهض عبد الرحمن عن محله ثم أسرع ليجلس على مقربة منها وهو يجيبها
تالين..
تعالت الضحكات بين الجميع على تلهفه الواضحة فقال يحيى بمزح
شكل كده آسر بعملته هيجرأ ناس كتير أوي والجواز هيدخل في العيلة زي الفيرس مش كده ولا أيه يابوي..
ضحك جاسم ثم قال
وماله يا ولدي مدام بالحلال فين الغلط!
قالت هنية بحماس
خلي الفرح يعشش في الدار اللي سكنها الحزن لسنين..
لمس فهد مقصدها بغيمة الحزن التي استحوذت على عائلته منذ اللحظة التي باتت على عداوة مع المغازية فطوفها بذراعيه ثم همس لها
الجاي مش هيبقى غير فرح ياما..
ملست بيدها على عبائته وهي تردد بتمني
يارب يا ولدي...
انغمس يحيى بالحديث المشاكس مع عبد الرحمن الى ان استماع صوت ريم المستغيث به فصعد للأعلى ليجدها تجلس باكية جوار ابنتها وتحاول أن تطعمها او حتى تتحدث اليها فما أن رأته ماسة حتى هرعت اليه لتردد بدموع طفولية
يحيىكنت فين وسبتني هنا لوحدي أنا خاېفة وعايزة اروح...
احتضنها يحيى برفق ثم قال
انتي هنا في بيتك يا ماسة ومع مامتك..
وأشار بيديه تجاه ريم فهزت رأسها بتعصب شديد
انا عايزة ارجع بيتنا لحور وروجينا.. مش عايزة اقعد هنا..
تعامل معها بحذر شديد فمرر يديه على خصلات شعرها بهدوء
أنا معاكي ومش هسيبك هنا المكان جميل أوي يا قلبي في حدايق وشجر كتير زي ما انتي بتحبي وكمان في اسطبل خيول مش انتي بتحبي الخيل
أومأت برأسها عدة هزات فأزاح دمعاتها وهو يستطرد
خلاص بكره الصبح هوريكي كل ده اتفقنا..
هزت رأسها بايماءة خفيفة فلاحظ يحيى اشارة عمر له بالخروج بعدما جذب ريم للخارج فرفع الغطاء عن الفراش ليشير لها قائلا
الوقت اتاخر ولازم تنامي وانا شوية وهيجيلك..
اندثت أسفل الفراش وهي تهمس له پخوف
وعد
ابتسم وهو يقبل جبينها
وعد يا روح قلبي..
وخرج خلفهما على الفور ليغلق باب الغرفة ومن ثم وقف في مواجهتهما فسألته ريم بقلق
ليه المرادي ماسة مش متقبلة وجودنا جنبها يا يحيى
خمن قائلا
يمكن عشان بقالنا فترة طويلة مسافرناش الصعيد... وحضرتك عارفة اننا كان لازم نتابع علاجها مع دكتورها هناك..
قتل عمر الشك بداخله حينما قال
واشمعنا رجعتم دلوقتي!
بارتباك شديد قال
لأنها في الوقت ده محتاجة لرعاية خاصة... لأنها.. آآآ.... آآآ.... حامل..
رددت ريم پصدمة
حامل!!
بينما انقلبت نظرات عمر لضيق شديد ومع ذلك أمسك زمام أموره ليشير لريم بصرامة
روحي اوضتك..
لم تجادله بما قال وتوجهت لغرفتها على الفور بينما سأله بثبات
ازاي ده حصل
تهرب من التطلع لعينيه وهو يجيبه باحراج شديد
ڠصب عني يا عمي أنا عارف اني وعدتك اني هحميها حتى من نفسي بس صدقني مآآ..
انقطعت كلماته حينما اشار له بالصمت ليسبقه بالحديث
متشرحش اللي حصل يا ابني أنا عارف انه اكيد ڠصب عنك وبالنهاية دي مراتك مغلطتش مع حد غريب...
ثم ربت على كتفيه قائلا
ادخل نام انت راجع من السفر تعبان...
وتركه واتجه لغرفته فظل محله قليلا ثم ولج لغرفته هو الاخر..
قضت ليلها تحدثه على الهاتف لم تمل من تلك المكالمة التي ظلت لأكثر من خمس ساعات متواصلة حتى لم تعلم بمحاولات أحمد المتكررة بطلب رقمها عله بقربه منها يسد احساسه بمنحها فرصة غفلت روجينا على الهاتف حتى صباح اليوم التالي الذي استعدت به للقاء أيان بلهفة وكعادتها ركضت صباحا لرؤيته ولكنها تفاجآت بأحمد يجلس على طاولة الطعام جوار بدر ونادين تضع الطعام أمامهما وهي تخبرهما
طول ما انا هنا محدش هينزل الشغل من غير فطار تاني..
واشارت لتالين قائلة
روجينا جيت أهي نادي لرؤى وحور يلا..
أومأت برأسها بإيماءة خفيفة ثم ولجت للداخل لتويقظ كلا منهن.
أشارت نادين لروجينا قائلة
واقفة ليه يا بنتي ما تقعدي يالا الاكل هيبرد..
قالت بربكة بادية على معالمها
مش جعانه يا طنط ولازم أنزل
عشان البنات مستنيني..
نهض احمد عن الطاولة ثم لحق بها للخارج فتأمل الطريق من حوله حتى يضمن خصوصياتهما ليسألها بحدة
طول الليل بحاول اكلمك وموبيلك مشغول كنتي بتكلمي مين
كل ده
أتت لها على طبق من ذهب لتتحجج بصوتها المرتفع المتعصب
هكون بكلم مين يعني أنت قصدك أيه يا أحمد
غامت حدقتيه ڠضبا فجز على أسنانه
لما تكلميني صوتك ميعلاش عليا تصرفاتك كلها مبقتش عجباني.. ومش عارف أخرة اللي انتي فيه ده ايه بس صدقيني انا مش هقدر اصبر على وضعك ده كتير يا بنت عمي..
ثم تركها وولج للداخل مرة أخرى فجلس على مقعده من جديد خرجت حور تستند على يد رؤى لتتجه معها لأقرب مقعد لا يعلم ما الذي اصابه بتلك اللحظة بالتحديد خفق قلبه وكأن هناك صاعق كهرباء ضربه بمقټل ذاك الشعور الغريب يجتاحه حينما تكون هي قريبة منه رفع رأسه ليتأكد من ظنون حدسه فتعجب حينما وجدها تقترب منه صفن بها قليلا فالتقطت عينيها تقلص وجهها المټألم جراء خطاها الذي يؤلمها غصة أذابت سعادة قلبه فود لو نهض ليحملها لمقعدها أما بدر فحرص على خطڤ نظرات سريعة لمن تتهرب لقاء عينيه جلست
حور مقابله فسألها باهتمام
عاملة ايه دلوقتي
ابتسمت وهي تجيبه
الحمد لله يا أحمد بقيت احسن كتير على المرهم اللي أنت جبته... شكرا لاهتمامك..
ابتسامتها تلك انعشت قلبه المټألم فمنحها ابتسامة صغيرة واستكمل طعامه أما بدر فخاصرها بعينيه كلما هربت من لقاء عينيه فقال