بقلم اية محمد رفعت

موقع أيام نيوز


بعجرفة اتبعت قوله الصريح 
تقدري تقولي اني عندي سحري الخاص ولا ايه! 
استمع صوت ضحكاتها فقال قبل أن يغلق الهاتف 
بكره هشوفك.. 
وأغلق الهاتف دون أن يخبرها بأي مكان سيلتقي بها او أي ساعة تركها بحيرة أخرى تدفعها بالتفكير به كل ثانية وكأنها أحدى سمات شخصه الغامض ان يدفعها بالتفكير المجبر به!.. 

توقفت سيارته أمام أحدى العيادات الخاصة بالنسا بعد تفكير عميق بتغير وجهته ليتابع مع الطبيب المعالج لحالة ماسةولكنه اقتنع بالاخير ان عليه قطع شكوكه باليقين أولا قبل الذهاب إليه هبط يحيى أولا ثم فتح باب السيارة مشيرا لها بحنان 
انزلي يا حبيبتي.. 
حملت ماسة الحلوى التي تحملها على قدميها ثم هبطت تستكشف المكان الذي أتى بها اليه فذمت شفتيها باستياء 
فين الحديقة أنت قولتلي هتوديني! 
أغلق باب السيارة ثم جذب يدها ليجيبها ببسمة رسمها بالكد 
انا عمري وعدتك بحاجه ومنفذتهاش. 
هزت رأسها بالنفي فاستطرد قائلا 
هنروح مشوار صغير وبعد كده هنروح اتفقنا 
ابتسمت لتشرق ظلام قلبه فخرج صوتها رقيق ناعم 
اتفقنا. 
ابتسامته الهادئة خبئت خوفه العظيم مما سيجتازه بعد قليل صعد بها للأعلى فدون إسمها بدفتر الممرضة الخاص ثم عاونها على الجلوس على الأريكة لجواره تجاهل نظرات النساء لزوجته التي تبدو من الخارج كطفلة صغيرة غواها أحد الرجال الطالحين لم يتجاهل نظراتهن قط بل العالم الذي توقف من حوله بأكمله ليستيقظ على صوت الممرضة التي تشير له لتلفت انتباهه 
مدام ماسة اتفضلي .. 
انتصب بوقفته ثم جذبها وهو يردد بابتسامة صغيرة 
يلا يا حبيبتي.. 
اتابعته للداخل وعينيها تطوف بالمكان بتعجب حتى حينما ولجت للداخل وفحصتها الطبيبة اتبعت تعليماتها على وعد منه بإنه سيأخذها للحديقة فور الانتهاء مما تفعله وبالفعل بعد فحص دقيق اتضح شكوك الطبيبة فجلست على مقعدها ثم خلعت نظاراتها الطبية لتلقي حديث غير مهندم بطريقة مقززة تحمل شكوك تجاهه 
البنت حامل ولو حضرتك فاكر انك جيت هنا عشان تحل الموضوع ده فتبقى غلطان انت في مكان محترم.. 
شكوكها ربما بمحلها فماسة تبدو كالطفلة الصغيرة وخاصة حينما خسړت من نصف وزنها تقريبا والحلوى التي تتناولها وطريقتها بالحديث أضافت لها طفولة بعد بلوغها فظنت تلك الطبيبة ومن بالخارج بأنه يستغل مرض تلك الفتاة وبالطبع الحديث المسيء التي القته على مسمعه لم يكن من السهل على رجل شرقي صعيدي تقبله بمنتهى البساطة لذا ثارت حدقتيه في زقاق مروع
فنهض عن مقعده قائلا بحدة 
اللي قاعدة قدامك دي تبقى مراتي على سنة الله ورسوله.. 
وألقى بملفها الذي يحمل تفصيل دقيق لحالتها بوجه الطبيبة ثم استطرد بلهجة خشنة 
لولا انك واحدة ست انا كنت ندمتك على الكلام اللي قولتيه ده. 
وجذب يدها برفق 
يالا يا ماسة.. 
خرج من تلك العيادة وعقله مازال حبيس لتلك الكلمة التي كسرت شكوكه بالبداية كانت مجرد شكوك ولكنها الان واقع بائس فكيف لطفلة أن تحمل بطفل أخر 
لا يعلم كيف قاد السيارة تجاه الحديقة فجلس على الاريكة المقابلة للارجيحة التي اعتلتها ماسة نظراته مسلطة عليها ولكنه شارد باتجاه أخر فأخرج هاتفه ثم طلب أحد الأرقام ورفع الهاتف اليه ينتظر سماع صوت المتصل به فما ان اتاه صوتآسر حتى قال بصوت واهن 
شكوكي كانت بمحلها يا آسر ماسة حامل! 
وضع أحمد الأكياس الممتلئة بالمؤكلات الطازجة بالمطبخ ثم قال بابتسامة هادئة 
جبتلك كل الطلبات اللي حضرتك قولتي عليها.. 
تناولت منه نادين الأكياس وببسمة ممتنة قالت 
تسلم يا أحمد انت عارف بدر راجع من اسكندرية تعبان ومش قادر يقف.. 
عاتبها بقوله 
مفيش فرق بينا هروح أشوف عمي لو محتاج حاجه عن أذن حضرتك.. 
رددت في ود 
إذنك معاك يا حبيبي.. 
وكاد بالخروج فتوقف محله حينما وجدها تقترب من المطبخ بالأكواب الفارغة التي تحملها فما أن رأته حتى امتعضت معالمها بضيق شديد وكأنها لم تود رؤيته فشعر أحمد بذاك جيدا ولكنه تجاوز احساسه الدائم نحوها ثم قال بلهجة شبه ساخرة 
حمدلله على السلامة.. 
أجابته روجينا ببرود رغم لمساتها لسخريته الظاهرة 
الله يسلمك شكرا.. 
منحها نظرة جافة وكأنما يعاتبها على جراءتها بالرد عليه وعدم اعترافها بأنها ارتكبت خطأ حينما سافرت دون إخباره سئم معاتباتها الدائمة التي جعلته يمل من ذاته قبل أن يمل منها لذا أكمل طريقه بالخروج دون أن يضيف حرفا واحدا بينما ولجت هي للداخل لتضع الاكواب فاستوقفتها من راقبت الوضع بينهما بصمت فتساءلت بشك 
هو في حاجه بينكم يا بنتي أحسن أحمد باين عليه انه متضايق من حاجة! 
زفرت بتأفف شديد ثم قالت بعصبية 
هو دايما كده أنا كرهته بسبب تحكماته. 
بحكمة ووعي تساءلت 
طب بس قوليلي ايه اللي حصل 
قالت بايجاز شديد 
متضايق عشان سافرت اسكندرية من غير ما اقوله عايز يفرض عليا تحكمات من دلوقتي! 
ذهلت من تفكيرها الخاطئ تجاهه فاستجمعت هدوائها أولا ثم قالت 
بس هو مش غلطان يا روجين أحمد معاه حق لانه لازم يعرف كل حاجه عنك مش كلها كام شهر وهيبقى جوزك يا بنتي! 
سماعها لتلك الحقيقة الملموسة جعلها تستشيط ڠضبا فتهربت من هذا الحديث الذي سيفيقها من حلمها الذي يجمعها بفارس أحلامها الغامض وكأنها ارتشفت كأس من النبذ لا تريد الافاقة منه فاستأذنت منها قائلة 
ورايا محاضرات كتير بكرة تصبحي على خير. 
وتركتها وغادرت لغرفتها سريعا والاخرى تراقبها بنظرات ساهمه تحاول بها التسلل لرأسها علها تفهم ما أصابها.. 
بغرفة حور.. 
كانت ممددة على الفراش المجاور لها تستمع اليها بحرص شديد
وما أن انتهت حور من الحديث عن مشاعرها تجاه أحمد حتى قالت تسنيم 
بس كل ده غلط يا حور لانه في الاول والأخر مش هيكون ليكي واديكي نطقتي بلسانك ان فرحهم متحدد يعني تفكيرك فيه مش هيسببلك غير الۏجع.. 
انزلقت الدمعات تباعا من عينيها تأثرا بكلماتها الموجوعة فخرج صوتها شبه مسموع من أثر البكاء 
كل اللي بتقوليه ده انا عارفاه يا تسنيم بس صدقيني ڠصب عني. 
ثم ابتلعت ريقها على مهل وهي تستطرد 
بس اوعدك اني هحاول انساه واخرجه من تفكيري.. 
منحتها ابتسامة صغيرة محملة بالشفقة على حالها فشعرت بحاجتها للإنفراد بذاتها لذا أغلقت عينيها باستسلام لنوم يصاحبه تفكير بالآسر الذي أسر قلبها المعقود بألف عقدة ومشوش پخوف يهدده.. 
خيط الشمس الذهبي انسدل ليغطي ضوئه العالم المحيط بها فانحدرت على تلك البقاع المتطرفة بالصعيد لتمنحها مظهر رباني مبدع ومن بينهما منزل كبير الدهاشنة القابع بمنتصف الصعيد فألتفت الكاميرا التي تنقل ذاك المشهد المهيب لتتسلط على الاسطبل القريب منه حيث يجلس ذاك العاشق الذي بات قلبه يهاجمه بشراسة ليجعله يفق لذاك الحب الذي ولد بداخله تجاهها فحتى حينما يفكر بها ترسم البسمة على شفتيه القاسېة نعومة لمساته لذلك الفرس الصغير جعلته يشعر وكأنه يلامس وجهها الأبيض الرقيق فازدادت ابتسامته الجذابة حينما تذكر ما حدث بالأمس مازال يتذكر خۏفها الشديد حينما هاجمها همام فتعلقت به پخوف مازال يذكر أصغر التفاصيل التي تتعلق بها حتى ذاك اللقاء القصير قبل صعودها لسيارة عمه نهض آسر عن مقعده بحزم اتخذه بجدية فصعد لظهر فرسه الجامح ليتجه ناحية المزارع ومن خلالها سلك الطريق تجاه أرض العم فضل فاتسعت ابتسامته حينما وجده يجلس بمكانه المعتاد ولجواره كان يقف رجل كبير بالعمر وعلى ما بدى له بأنه من أقاربه لا يعلم بانه من سلب النوم من أعين من أحب وربما يكون السبب فيما سيواجهه من صراع قاټل.. 
دنا آسر منه ثم قال بإبتسامة عذباء 
صباح الخير يا عم فضل.. 
برزت أسنان ذاك العجوز المبتسم وهو يجيبه بوقار 
صباح النور يا ولدي اتفضل.. 
جلس آسر جواره
فأشار فضل لمن يتابع ما يحدث قائلا باهتمام 
ده بشمهندس آسر يا عباس ابن كبير الدهاشنة فهد بيه.. 
هز رأسه البغيض بتحية سريعة ليستطرد العم فضل قائلا 
وده عباس نسيبي. 
حياه آسر بتهذب 
أهلا بحضرتك.. 
ثم عاد ليتطلع اليه بإرتباك لا يعلم بماذا سيبدأ بحديثه فحك طرف أنفه وهو يردد 
أنا كنت عايزك في موضوع يا عم فضل. 
منحه العم اهتماما كبيرا بسؤاله 
انت تؤمر يا ولدي.. 
استجمع زمامه وهو يتحدث تلقائيا دون لف أو دوران حول الحديث المتلقى 
أنا كنت بستأذنك أني أجيب والدي والعيلة ونيجي نطلب أيد بنتك.. 
رمش العم فضل عدة مرات وكأنه يحاول استيعاب ما استمع اليه لتو فقال بتشتت 
بنتي أني! لمين 
ابتسم آسر ثم قال 
أيه يا راجل يا طيب أنا مش مالي عينك ولا أيه! 
انتفض قائلا 
ده انت سيد الرجالة وتملى عين التخين بس أني متفاجئ
بالموضوع أنت عايز تتجوز بنتي أني! يمكن اختلط عليك الأمر يا ولدي وتقصد حد تاني.. 
نهض آسر عن الأريكة المتهالكة ثم عدل من قميصه وهو يجيبه بجدية 
أنا طالب ايد بنتك تسنيم يا عم فضل ولو مرحب بينا أجيب والدي ونيجي نزور حضرتك.. 
حاول النهوض هو الأخر فعاونه آسر فردد الاخير بسعادة 
تنورونا وتشرفونا في أي وقت احنا فديك الساعة اللي نناسب فيها فهد بيه الراجل المحترم اللي كلمته تهز الصعيد كلتها. 
ربت على كتفيه وهو يمدحه 
تسلم يا عم فضل بكره بليل بعد العشا هنكون عندك. 
وودعه ثم أنصرف والأخير مازال يراقبه بعدم تصديق أما عباس فكانت عينيه تثور كبركان خمد لأعوام وحان موعد انفجاره! 
بشقة يحيى 
استمع لطرقات باب شقته الغريبة ففتح بابه ليجد من يقف أمامه طارقا بابه بعصاه الانبوسية المذهبة فارتسمت ابتسامته على وجهه ليحتضنه وهو يردد بفرحة 
خال سليم! 
احتضنه سليم هو الاخير ثم قال بضيق مصطنع 
لقيت واد أختى معيزش ينزل يسلم عليا فقولت نطلعوا
ونشوفوا في ايه 
طل بدروأحمد وعبد الرحمن من خلفه فأشار لهما بترحاب 
متأخذنيش يا خال والله ما أعرف أن حضرتك وصلت اتفضلوا.. 
ولجوا للداخل جميعا فقال بدر بتسلية 
وأنت هتعرف منين طول ما انت حابس نفسك هنا! 
ارتسم الحزن بارزا على تعابير وجهه فقال 
أنا امبارح مكنتش بالبيت انا وماسة.. 
سأله عبد الرحمن باستغراب 
أيوه صحيح انا روحتلك المصنع بعد العصر قالولي مشى من بدري كنت فين 
رد عليه پألم صاحب نبرته 
كنت مع ماسة عند الدكتورة.. 
انتفض أحمد بلهفة 
ليه مالها فيها أيه 
ابتلع ريقه الجاف ببطء وقد طال صمته الذي زرع الشك بقلب أحمد تجاه تكرار فعلته فكاد بأن يسأله مجددا ولكن سبقه عمه حينما قال 
مالها ماسة يا ولدي طمنا! 
وزع نظراته بينه وبين أحمد قبل أن ينطق ببطء 
ماسة حامل يا عمي!.. 
........... يتبع............ الدهاشنة... بقلمي ملكة الإبداع آية محمد رفعت.. 
٥١٢ ١١٨ ص زوزو الدهاشنة...صراع السلطة والكبرياء..... 
الفصل السابع عشر... 
إهداء للقارئة المميزة أمل ثروت من أعز وأغلى القراء المثقفين على قلبي دائما أنتظر رأيها الشغوف بكل أعمالي كل عام وأنت بالف صحة وسعادة وبتمنى لك الخير والصالح دائما...
خيم السكون على الوجوه قليلا وكأن بعضهما يحاول استيعاب ما تفوه به يحيى منذ قليل
 

تم نسخ الرابط